هناك من يقول أن الرئيس مرسي -رحمه الله- كان ضعيفاً وأن من مظاهر ذلك تطاول بعض الإعلاميين والمعارضة على د.مرسي بطريقة تخالف الأعراف والقوانين، وانتشار أعمال العنف على يد البلطجية وبعض المحسوبين على المعارضة، وقيام المجلس العسكري بافتعال الأزمات.
فهل كان الرئيس مرسي قوياً أم ضعيفاً؟ سنحاول أن نجاوب على هذا السؤال من 3 أبعاد.
البعد الأول: إذا كان د.مرسي ضعيفاً فهذا يعني أنه لم يكن يدير الدولة، وأن إدارة الدولة كانت تتم عن طريق المجلس العسكري والدولة العميقة وبقايا نظام مبارك، ووجود د.مرسي في الحكم على الورق فقط !
وإذا كان الأمر كذلك فكان من الأفضل للمجلس العسكري أن يترك الدكتور مرسي مجرد ديكور في الحكم حتى يتجنب حدوث اضطرابات داخل الدولة وهو في نفس الوقت يحكم الدولة بالطريقة التي يريدها، ويكون بذلك قد ضرب عصفورين بحجر واحد.
وإذا كان الرئيس مرسي ضعيفا فكان من الممكن تركه حتى يفشل ويتم اسقاطه من الشعب نفسه.
ولكن المجلس العسكري لم يفعل ذلك، وانقلب على الرئيس مرسي المنتخب، مواجهاً بذلك موجة من السخط الشعبي مع إخفاقات على مختلف الأصعدة إلى يومنا هذا … وهذا يعني أن وجود الرئيس مرسي في الحكم كان بمثابة حجر عثرة بالنسبة لهم، واستمراره في الحكم شكل خطرا وتهديداً لهيمنة المجلس العسكري.
البعد الثاني: إذا كان الرئيس مرسي ضعيفاً فمن كان القوي في فترة حكم د.مرسي؟
لنقل أنه المشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة … فقد أطاح به الرئيس مرسي بعد تسلمه السلطة في أقل من شهرين.
وإذا قلنا إنه الفريق سامي عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة ونائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة … فقد عزله الرئيس مرسي في نفس اليوم الذي عزل فيه المشير طنطاوي.
ولو قلنا إنه اللواء أركان حرب / مراد موافي رئيس جهاز المخابرات العامة … فهو أيضا قد تم عزله من قبل الرئيس مرسي.
واذا افترضنا أنه المستشار/ عبد المجيد محمود النائب العام … فقد نجح الرئيس مرسي في عزله بعد فشله في المحاولة الأولى.
ولا ننسى المحكمة الدستورية والتي فشلت في حل اللجنة التأسيسية لدستور 2012 ومجلس الشورى بفضل الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس مرسي وقتها والذي قام بتحصين اللجنة التأسيسية ومجلس الشورى وقتها من قرارات المحكمة الدستورية… فهل يمكن أن يصدر مثل هذا الإعلان الدستوري (أو الديكتاتوري كما يزعم البعض) من شخص ضعيف؟!
البعد الثالث: الضعف له مظاهر مصاحبة له، ويكون الضعف في العادة مرتبط بالخوف، والخضوع للضغوط، واختيار الطريق الأسهل والأكثر راحة، وقد يصاحبه البحث عن المصلحة أو المنفعة الشخصية.
وهنا نريد أن نتسائل: هل ظهر على الرئيس مرسي أي من مظاهر الضعف؟
لم يظهر على الرئيس مرسي الخوف عندما رأى تحركات المجلس العسكري للانقلاب؛ والذي شاهد خطاب د.مرسي الأخير قبل الانقلاب عليه سيدرك أن ما قاله وقتها لايمكن أن يصدر من شخص خائف ،وثبات د.مرسي وتمسكه بالشرعية حتى لو كان الثمن حياته دليلا على أنه لم يخضع للضغوط سواء كانت المحلية أو الدولية والتي كانت تريده أن يتخلى عن شرعيته، ولو كان الرئيس مرسي يبحث عن الراحة أو المصلحة الشخصية لتنازل عن السلطة ولما تحمل المعاناة داخل السجون والمعاملة السيئة هناك.
بعد هذا العرض السابق نستطيع الوصول إلى نتيجة واحدة وهي أن الرئيس مرسي لم يكن ضعيفاً، واستمراره في الحكم شكل تهديداً لبقاء الفساد داخل الدولة، وثبات الرئيس مرسي وتمسكه بالشرعية زلزل أركان النظام الانقلابي وجعل شعلة الثورة مضيئة حتى يومنا هذا وحتى بعد أن قتلوه ظنوا أن الأمر انتهى … ولكن خاب ظنهم؛ وأصبح الرئيس مرسي مصدر الهام للكثير من الأحرار حول العالم، و سيذكره التاريخ بأنه أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر.
وعلينا أن نسير على دربه وأن نتمسك بثورتنا حتى النهاية ولا نصاب بالاحباط أو اليأس ولنتذكر مقولة الرئيس مرسي -رحمه الله-: “اوعوا الثورة تتسرق منكم بأي حجه”.