لا شك أن احترام الآخرين من المشاعر البشرية النبيلة، وكل إنسان مدين للبشر حوله بمستوى أساسي من الاحترام، وقد يختلف مستوى الاحترام هذا تبعا لرؤية الفرد وتربيته والبيئة التي نشأ فيها، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإظهار مستوى من الاحترام لفئة من الناس أكثر من غيرهم لا يعد سلوكا خاطئا بالكلية، وإن كان على الشخص أن يكون مهذبا ولطيفا مع الجميع، مع العلم أن تقدير الإنسان لذاته واحترامه لها ينعكس على مدى تقديره واحترامه للآخرين.
ما هي مظاهر احترام الآخرين؟
إفشاء السلام بين الناس هو من أهم مظاهر الاحترام، يصاحبه الابتسام وتقديم الاعتذار عند الخطأ حتى لو غير مقصود، تقديم المساعدة في المحن ومشاركة الأفراح، كلها أمور تدل على احترام الآخرين.
وقد وضع الإسلام قاعدة عامة تتعلق بحرمة أموال الناس وأرواحهم، الأمر الذي بينه النبي -صلى الله عليه وسلم-في حجة الوداع حينما قال: (ألا إِنَّ أحرمَ الأَيَّامِ يومُكُمْ هذا ألا وإِنَّ أحرمَ الشُّهورِ شَهْرُكُمْ هذا ألا وإِنَّ أحرمَ البَلَدِ بَلَدُكُمْ هذا ألا وإِنَّ دِماءَكُمْ وأَمْوَالَكُمْ عليكُمْ حرامٌ كَحُرْمَةِ يومِكُمْ هذا في شَهْرِكُمْ هذا في بَلَدِكُمْ هذا ألا هل بَلَّغْتُ قالوا نَعَمْ قال اللهمَّ اشْهَدْ). وهذا يدل على أن الإسلام يحرم التعدي على ممتلكات الغير وأرواح، وهذا قمة احترام الأخر.
كما حثت الشريعة الإسلامية على توقير الكبير والعطف على الصغير، وأدلة ذلك كثيرة منها قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ليس منَّا مَن لم يُوقِّرِ الكبيرَ ويرحَمِ الصَّغيرَ ويأمُرْ بالمعروفِ ويَنْهَ عن المنكَرِ)، وهذا زجر من شريعتنا الإسلامية بقول النبي (ليس منَّا) أي ليس من المسلمين من لم يوقر الكبير ويرحم الصغير، فأي احترام أكثر من هذا؟
كذلك يعد استخدام طيب الكلام واللين منه، مع تقديم النصح وقت الحاجة مع اتباع الطرق السليمة له، من أساليب الاحترام
أيضا الابتعاد عن التكبر، وإهمال الآخرين، والاستخفاف بهم وقت اختلافهم سواء الاختلاف الفكري أو الثقافي أو النمطي.
احترام اجتهادات الآخرين، واختياراتهم، وأذواقهم، ما دام ذلك في حدود الشرع وفي الإطار المباح.
لماذا نحترم الاخرين؟
إن احترام الغير من المطالب الرئيسة التي لا يمكن أن يستغنى عنها في كافة مجالات الحياة؛ المهنية والتجارية والشخصية وغيرها.
وهو من أهم الأسس التي تبنى عليها الدعوة الإسلامية، التي كلف الإنسان بحملها، وخاصة المجتهد في علوم الشريعة.
واحترام الآخرين يهذب المجتمع، بذهاب العديد من الأخلاق المذمومة؛ كالأنانية والتسلط وغيرها.
وكذلك يعد من الوسائل الرئيسة التي تساعد على تآلف القلوب والتواد بين الأرواح.
واحترام الآخرين حق من الحقوق التي حثت عليها الشريعة الإسلامية، ودليل ذلك قول الرسول -صلى الله عليه وسلم: (حَقُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ خَمْسٌ رَدُّ السَّلَامِ، وعِيَادَةُ المَرِيضِ، واتِّبَاعُ الجَنَائِزِ، وإجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وتَشْمِيتُ العَاطِسِ).
من هذا نجد ان احترام الاخرين من السلوكيات والاخلاقيات النبيلة لكن ليس هذا فقط، وانما أيضا هي من أساسيات الاخلاق التي جاء بها ديننا ووصى بها نبينا صلوات ربي عليه، وقد رأينا هذا في مواضع عدة ذكرناها في هذا المقال، علنا نستفيق ونرجع لما نشأنا عليه فتعود أمتنا قوية متينة كما كانت.