التاريخ وبناء مجتمع الحكمة
كيف توظف الدول تجاربها التاريخية لبناء المستقبل ؟
إن دروس التاريخ من أهم مصادر الحكمة .. لذلك تزداد حكمة الأمة كلما تراكمت تجاربها التاريخية المتنوعة، وكلما تمكنت من زيادة الوعي بالتاريخ وتدريسه في المدارس والجامعات، واستطاعت أن تطور مناهجها التعليمية بتحويل قصص التاريخ إلي مضمون جذاب ومؤثر يسهم في تأهيل القيادات لصنع القرارات الحكيمة.
لذلك يساهم التاريخ في بناء مستقبل الأمم عندما يتحول إلي فاعل في تأهيل الشخصيات القيادية التي تتمكن من بناء مجتمعات الحكمة، واستثمار المعرفة وتوظيفها في التوصل إلي حلول جديدة للمشكلات، وتحقيق التوازن بين المصالح، وانتاج الأفكار، وتحفيز الشعوب لتحقيق أحلام عظيمة.
لكن لماذا تزايد الاهتمام بمفهوم الحكمة، وبعلاقة هذا المفهوم بالمعرفة والتجارب التاريخية للدول، وتدريس التاريخ في المناهج التعليمية؟!
إننا يجب أن نبحث عن تفسير أكثر عمقا لهذا الاهتمام؛ فقراءة الواقع توضح أن الجامعات ومراكز البحوث في الغرب بدأت تدرك أن الرأسمالية تدفع المجتمعات بسرعة نحو الخراب والدمار، وأن الاستغلال الرأسمالي يمكن أن يؤدي إلي نهاية البشرية .. لذلك تحتاج كل الدول إلي التفكير في بناء مجتمعات ما بعد الرأسمالية؛ وهذه المجتمعات تحتاج إلي الحكمة لاتخاذ قرارات تحقق العدل، وتحمي الكرامة الإنسانية؛ فدروس التاريخ تؤكد أن الظلم الناتج عن التقسيم الطبقي والاستغلال والعبودية الحديثة والجباية ونهب ثروات الشعوب؛ هي أهم أسباب الدمار وانهيار الحضارات.
التاريخ وبناء مجتمع الحكمة
العالم كله أصبح في أشد الحاجة إلي بناء الحكمة الإنسانية الناتجة من دروس التاريخ لمواجهة الأزمات الناتجة عن استغلال الرأسمالية ،
أيضا وتحالفها مع الاستبداد والفساد ، والنهب الاستعماري لثروات الشعوب ؛
إذا فهناك قدر من الاتفاق علي أن العالم يشهد عملية تغيير واسعة .. ولكن كيف ؟!!
وإذا كان العالم يريد أن يواجه الأزمات التي تهدد وجوده ؛ فإنه يجب أن يكافح لاستعادة الحكمة الإنسانية ،
كذلك ويعمل لبناء مجتمع الحكمة ، ويوفر المعرفة بالتاريخ ، ويؤهل قيادات جديدة تقرأ التاريخ بعمق وتستفيد من تجاربه في صنع قرارات صحيحة .
لذلك يجب أن نتذكر بالفخر ابن خلدون ، ونقدمه للعالم كصاحب انجاز حضاري في اكتشاف دروس التاريخ ،
أيضا ونتعلم منه فن استخلاص الحكمة من التاريخ ؛ حيث يري أن الترف هو أهم العوامل التي تؤدي إلي انهيار الدول ..
إذا فهل يمكن أن تشكل هذه الحكمة رؤية جديدة لبناء عالم جديد أكثر عدلا ؟!
لقد ارتبط الترف في هذا العصر بالظلم والتفرقة العنصرية والتقسيم الطبقي ونهب ثروات الشعوب وافقارها ؛
لكي تتمتع نخبة قليلة بكل أسباب الحياة المترفة ، والإغراق في المتعة ، واشباع الشهوات بدون ضوابط أخلاقية ..
بينما وفي الوقت نفسه افتقدت تلك النخب المترفة الحكمة والقدرة علي البحث عن معني الحياة