رمضان بعد قليل
رمضان في قلبي هماهم نشوة *** من قبل رؤية وجهك الوضاء
وعلى فمي طعـم أحـس بـه *** من طعم تلك الجنة الخضراء
قالـوا بأنـك قـادم فتهللـتْ *** بالبِشـر أوجهنـا وبالخيلاء
شهرا يفرح المسلم بقدومه ويتهيأ له ،… فرمضان ليس شهرا مثل غيره ،… شهر يجود الله فيه سبحانه على عباده بأنواع الكرامات، ويجزل فيه لأوليائه العطيات،.. شهر جعل الله صيامه أحد أركان الإسلام،… فصامه المصطفى عليه سلام الله وأمر الناس بصيامه .
وأخبر عليه الصلاة والسلام أن من صامه إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه،… ومن قامه إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه،… شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، …من حرم خيرها فقد حرم،… فاستقبلوه بالفرح والسرور والعزيمة الصادقة على صيامه وقيامه والمسابقة فيه إلى الخيرات والمبادرة فيه إلى التوبة النصوح من سائر الذنوب والسيئات والتناصح والتعاون على البر والتقوى،… والتواصي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير كله .
هل تساءلت يوما ماذا تفعل قبل أيام من رمضان؟
وإليك أيها القارئ الهمام بهذه الوصايا للاستعداد لشهر رمضان الكريم، …فالأيام تمر من عام إلى عام تحمل لنا البشرى بقدوم شهر رمضان المبارك،… وتنثر بين يديه أنواع البر والرحمة والمغفرة والعتق من النار، …وتنشر فيه قيم الحب والإخاء والسماحة والصبر والجود والكرم، وترفع درجات المؤمنين…، وتزكي أخلاق الصائمين،… رحمة من رب العالمين
رمضان بعد قليل.. فهيا بنا نستقبله:
أيها القارئ فمع قرب قدوم الشهر الكريم وقبل أيام من رمضان أوصي نفسي وإياكم بالآتي:
*رمضان بعد قليل.. ادع الله أن يبلغك شهر رمضان:
وهذه ليست بدعة أو ابتكار، ….ولكنها مما ورد عن الرسول الكريم صلوات ربي عليه فقد روي عن أنس بن مالك (رضي الله عنه) أنه قال: كان النبي (صلى الله عليه وسلم) إذا دخل رجب قال اللهم “بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان”
*اشكر الله على بلوغ الشهر:
قبل أيام من رمضان، إن من أكبر نعم الله على العبد توفيقه للطاعة؛… يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): “أتاكم رمضان، شهر مبارك، فرض الله عز وجل عليكم صيامه،… تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبوب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، …لله فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حُرم
* استبشر بفضائل الشهر:
كذلك عليك أن تستبشر بفضائل هذا الشهر،…مثل: فتح أبواب الجنان….، وغلق أبواب النار،… ومغفرة الذنوب،… ونول الرحمات، والعتق من النيران.
*رمضان بعد قليل ..اعزم على التوبة إلى الله:
علاوة على ذلك فاعزم على التوبة فرمضان يعتبر البداية الحقيقية للعام؛ …إذ ترفع أعمال العام في شهر شعبان،… ومن ثم يكون رمضان بداية سنة جديدة بعد رفع الأعمال،… ومن ثم يحتاج الواحد منا إلى فتح صفحة جديدة بيضاء نقية مع الله،… وهذا يقتضي منه التوبة من جميع الذنوب، …والإقلاع عنها، وعدم العودة إليها،… فهو شهر التوبة، …فمن لم يتب فيه فمتى يتوب؟! قال الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} ،… ويقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحا}
*ضع خطتك مسبقا للاستفادة من رمضان:
كذلك يجب أن خطط للاستفادة منه، فكثير من الناس يخططون تخطيطا دقيقا لأمور الدنيا،… ولكن قليلين هم الذين يخططون لأمور الآخرة، …ومن أمثلة التخطيط للآخرة: التخطيط لاستغلال رمضان في الطاعات والعبادات، …فضع برنامجا عمليا لاغتنام أيام وليالي رمضان في طاعة الله تعالى، وقسِّم وقتك بين الأسرة، والقراءة، والنوم، والصلوات، والزيارات، وكن منظما، ولا تكن عشوائيا تترك نفسك للظروف.
*رمضان بعد قليل ..ابدأ بقوة وهمة ونشاط:
أيضا ابدأ بقوة وهمة ونشاط،… فالبدايات القوية توصلك إلى أبعد مدى {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ}،… وأما إذا كانت البداية ضعيفة فإن أي نقص يطرأ عليها يعيدها إلى نقطة الصفر أو قريبا منها.
رمضان بعد قليل فهيا بنا نستقبله:
*تعرف على جهد الصحابة والسلف:
قبل أيام من رمضان، تعرف على جهد الصحابة والسلف،… فكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع الأعمال وأقبل على قراءة القرآن، …وكان الوليد بن عبد الملك يختم في كل ثلاث، وختم في رمضان سبع عشرة ختمة
*رمضان بعد قليل.. فتهيأ نفسيا وروحيا:
كذلك تهيأ روحيا ونفسيا… وذلك من خلال القراءة والاطلاع على الكتب والرسائل، وسماع المحاضرات والدروس النافعة، التي تبين فضائل الصوم وأحكامه؛ حتى تتهيأ النفس للطاعة فيه، وقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يهيئ نفوس أصحابه لاستغلال هذا الشهر الفضيل، فيقول: “أتاكم رمضان شهر بركة، يغشاكم الله فيه فينزل الرحمة، ويحط الخطايا، ويستجيب فيه الدعاء، ينظر الله تعالى إلى تنافسكم فيه، ويباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيرا؛ فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله عز وجل”.
*جاهد نفسك وامتنع عن عاداتك السيئة:
علاوة على ذلك فامتنع عن عاداتك السيئة مثل: السهر العابث، والنوم المفرط، والطعام الكثير، والإعلام الهابط، والتسوق الشره، وغير ذلك مما لا تبقى معه قوة الهمة في الطاعات، فجاهد نفسك من الآن حتى تنتصر على كل هذه الصعوبات.
*هيئ نفسك جيدا للدعوة إلى الله:
قبل أيام من رمضان، هيئ نفسك للدعوة لله، فالنفوس مهيأة، والقلوب مفتوحة، والشياطين مصفدة، والدعوة إلى الله عز وجل من أفضل الأعمال وأجلها وأحسنها وأزكاها، وكيف لا تكون كذلك وقد قال سبحانه: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}، ويمكنك أن تقوم بتجهيز بعض هدايا رمضان وتوزعها عند دخول الشهر الكريم على المصلين وأهل الحي، وتذكر الفقراء والمساكين، واعمل على بذل الصدقات والزكاة لهم.
*ضع لنفسك ورد محاسبة يوميا:
كذلك هيئ نفسك للمحاسبة يوميا، فلا تتهاون في محاسبة نفسك على أي تقصير؛ لأن نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، وحبذا لو حرصت على هذه المحاسبة بعد رمضان.
* رمضان بعد قليل ..فالزم الصحبة المؤمنة:
كذلك فيجب أن تلزم الصحبة المؤمنة التي تعينك على الالتزام ببرامج وأهداف رمضان، مع التعاهد عليها، والتذكير بها، والمراجعة لها؛ فالمرء قليل بنفسه كثير بإخوانه، ومن فوائد الصحبة الطيبة أنها تأخذ بيديك إذا نهضت، وتعينك إذا تكاسلت.
*اعقد العزم على نية التغيير:
وذلك بأن تعقد العزم على تغيير نفسك، وحياتك، وأهدافك، وتطلعاتك إلى الأفضل، وأن يكون شهر رمضان هو البداية الحقيقية لذلك، ومما يساعدك على ذلك أن تكون صريحا مع نفسك فلا تخادعها، وأن تذكر عيوبك فيما بينك وبين نفسك، وتبدأ بالإصلاح والتغيير، حسب الأولويات، وأن تجعل لك برنامجا في فترة زمنية معينة، ولا تتعجل؛ فالزمن جزء من العلاج، وإياك واليأس؛ فليس اليأس من أخلاق المسلمين، وأحلام الأمس حقائق اليوم، وأحلام اليوم حقائق الغد، ولو استطعت تغيير نفسك في خلق واحد أو عادة إلى الأفضل فهذا جيد.
*رمضان بعد قليل ..فتعبد لله بتهذيب الأخلاق والسلوك:
فالعبادات في الإسلام وسائل، وليست غايات والصوم من هذه العبادات؛ إذ لا يكفي فيه الامتناع عن الطعام والشراب فحسب، بل يجب على الصائم أن ينزه صومه عن الكذب والغيبة والشتم.
*رمضان بعد قليل.. فكن داعية إلى الخير:
اجتهد في قضاء مصالح الناس والإحسان إليهم، يقول (صلى الله عليه وسلم): لأن يمشي أحدكم مع أخيه في قضاء حاجة – وأشار بإصبعه – أفضل من أن يعتكف في مسجدي هذا شهرين (رواه الحاكم) واحرص على التيسير على المعسرين؛ ففي الحديث: من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة (رواه مسلم)، وخفف عن الخدم والعمال؛ لقوله (صلى الله عليه وسلم): من خفف عن مملوكه فيه غفر الله له، وأعتقه من النار.
رمضان، هو شهر تفتح أبواب الجنان وتفتح أبواب القلوب، شهر العتق من النيران وتطهير القلوب من الران والأدران، وهو شهر التوبة والغفران ومغفرة الذنوب صغائرها وكبائرها.، شهر مليء بالهبات والعطايا والفرص، لكنه يحتاج إلى قلوب مستعدة وأرواح متهيئة، وإلى تدريب ومران، وأحسن أوقات للتهيؤ لرمضان هي الأيام التي تسبقه ، فهيا بنا آملين أن يتقبله الله منا ،فكن من المستعدين ولا تبخل على نفسك .