الناس الخايبة
إذا كلمة الخيبة من الكلمات التي تلقي على نفس قائلها وعلى نفس مستمعيها بظلال البؤس واليأس والقنوط والإحباط والتشاؤم والعجز والفشل والإخفاق والحسرة والندم والكآبة وقلة الحيلة، وكل ما جاء في هذا الباب من مرادفات.
إن الخيبة هي عدمُ تحقق المطلوب، وامتناع نيل المرء ما تمناه وما عول عليه، وعدم الفوز بما كان متوقعا.
كما إن الخيبة لا تكون إلا بعد أمل؛ فحين ينقطع الأمل تحدث الخيبة وما يترتب عليها من مشاعر تدمي القلب، وتوهن البدن، وتفقد صاحبها ثقته بنفسه، فلا تراه إلا هائماً متخبطا لا يعرف مبتغاه ولا إلى أين سينتهي به مسعاه.
كما أن من الخيبة ما يأتي بعد فراغ الحيل ونفاد الأسباب،
إذا حينها يكون الخسران المبين وتكون الطامة الكبرى حينها لا رجعة،
كذلك والأقلام قد تم رفعها والصحف قد جفت وتم نشرها للحساب الذي لا يبشر بخير.
ذكر الخيبة في القرآن الكريم
ذكرت الخيبة في القرآن الكريم في أربعة مواضع كلها متعلقة بالظلم، إما الظلم بمعناه الشامل (الشرك) أو ظلم العباد أو ظلم النفس.
الناس الخايبة
1- قال تعالى: {وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً} [طه: 111].
قال ابن عباس رضي الله عنه: “خسر من أشرك بالله، والظلم هو الشرك” وعلى هذا النحو قال قتادة وابن زيد.
جاء في تفسير الطبري: “وقوله تعالى ذكره: {وقدْ خاب منْ حمل ظلْماً} يقول: ولم يظفر بحاجته وطلبته من حمل إلى موقف القيادة شركا بالله، وكفرا به، وعملا بمعصيته”،
2- قال تعالى: {وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} [إبراهيم:15].
قال مجاهد: “الجبار: الذي يجبر الخلق على مراده، والعنيد: المعاند للحق ومجانبه”.
عن قتادة: “{وخاب كل جبار عنيد}، يقول: بعيد عن الحق، معرض عنه
3- قال تعالى: {وقد خابَ مَنِ افترَى} [طه:61].
وقال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ} [العنكبوت:68].
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى: أي: لا أحد أظلم مِمَّنِ افْتَرَى.
قال العسكري في كتاب “الفروق اللغوية”: “الافتراء: .. الكذب في حقِّ الغير بما لا يرتضيه
4- قال تعالى : {وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} [الشمس: 10].
جاء في تفسير البغوي: “وقال الحسن: {وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} أهلكها وأضلها وحملها على المعصية، فجعل الفعل للنفس”.
قال ابن الأعرابي: “{وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} أي دسَّ نفسه في جملة الصالحين وليس منهم
ختاماً أقول
إن من ينظر إلى أسباب الخيبة في المواضع الأربعة في القرآن الكريم يدرك أنها لا تختص بزمان دون زمان ولا بجيل دون جيل
بل هي مقدمات تؤدي إلى نتائج، وقيم سافلة تؤدي بفاعلها إلى هاوية سحيقة لا يفلت منها، وصفات متى توفرت تحققت الخيبة
الموازنة بين البيت والالتزام والنجاح الشخصي والتعلم
الفشل وعدم تحقيق المطلوب
الخيبة ونتائجها