خلقت العلاقات .. لتدوم طويلا أن لم يكن للأبد .. وخاصة العلاقات الزوجية .. والتي ما يحاول الجميع .. الحفاظ عليها بكل ما أوتي من قوة .. وذلك للآثار الكبيرة .. التي تترتب على هدمها .. فهذه العلاقات .. تبنى على الود والألفة .. وعلى فكرة الإسعاد .. فإذا توفرت السعادة .. اكتملت الحياة .. وإلا فتظل تذبل يوما بعد يوم .. حتى تنتهي أو تموت.
الحياة الزوجية يظل الزوجين فيها سنوات كثيرة يضعان أسس التأقلم وإدارة الحياة حتى تنطلق سفينتها تقابلها الأمواج العاتية والعواصف أحيانا ويتدخل البعض لإنقاذها مرات ومرات والكل يتهيب أن تغرق والكل خائف فالانفصال هو الموت أو انتهاء الحياة .
ولكن في بعض الأحيان وبعد المحاولات الكثيرة المستميتة من كل الأطراف لإنقاذ الحياة يكتشف أن احد الطرفين ما هو إلا شخص سام وقتها يتم الحكم بفشل هذه الحياة ووجوب وقوفها وإلا ستكون العواقب وخيمة غير محسوبة تماما .
فما هي العلاقة السامة ؟
تعرف العلاقة السامة بكونها علاقة بين أشخاص لا يدعمون بعضهم البعض، وتتسم بوجود نمط متكرر ومؤذ من السلوك بين الطرفين ، مع انعدام للاحترام والتماسك، حيث تؤدي هذه العلاقة إلى استنزاف الأشخاص الموجودين فيها، لدرجة أن اللحظات السلبية تفوق عدد اللحظات الإيجابية، مترافقة مع أضرار نفسية وعاطفية وعقلية وربما حتى جسدية يسببها الشريك السام، وهذا المصطلح ليس محدودا بالعلاقات الرومانسية فقط ، فيمكن للعلاقات الودية والأسرية والمهنية أن تكون سامة أيضا .
متى تعرف أنك في علاقة سامة ؟
العلاقة السامة لا تقتصر على الإساءة والعنف الجسدي أو اللفظي الذي قد يتعرض له الشريك من الطرف الآخر، والتي بالطبع تصنف على أنها سامة بالأولوية ، إلا أن هنالك علامات أخرى أكثر دقة وشمولية لتحديد ما إذا كانت العلاقة سامة أم لا، وفيما يلي بعض من هذه الدلالات:
العطاء دون مقابل كاف، مع الشعور بالضعف والاستنزاف بمرور الوقت.
افتقاد الاحترام ، والشعور بالنقص تجاه بعض الاحتياجات العاطفية.
انعدام الثقة التدريجي بالنفس، والشعور الدائم بتفاهة الأفكار وضعف القدرات. الشعور بالوحدة وغياب الدعم، والقلق المستمر من أن يساء فهمك.
الشعور بالاكتئاب أو الغضب أو التعب بعد التحدث أو التواجد مع الشخص السام بالعلاقة.
قضاء الكثير من الوقت مع بذل مجهود وطاقة عاطفية كبيرة في محاولة إرضاء وإسعاد الطرف الآخر.
أنماط بعض العلاقات السامة :
العلاقة مع شخص ساخر:
يقلل هذا النوع من الأشخاص من شأن الطرف الأخر باستمرار، مما يعني ضمنيا أن أي قول للتعبير عن الأفكار أو المعتقدات أو الرغبات هو سخيف أو غبي بالنسبة لهم.
العلاقة مع شخص مزاجي أو متقلب السلوك:
غالبا ما يكون لدى هؤلاء الأفراد مزاج غير متوقع، ولا يعرف أبدا ما الذي سيثير غضبهم، وسوف يلومونك دائما على سخطهم، ومن الجدير بالذكر أن هذا النوع من الشركاء يؤذي عاطفيا، ونادرا ما يظهر هذا الجانب من نفسه للعالم الخارجي، مما يعني أنه كثيرا ما ينظر إليه على أنه شخص لطيف ومريح يحب الجميع تقريبا.
العلاقة مع المحرض على الشعور بالذنب:
يتحكم المحرض بالذنب بالعلاقة من خلال إشعارك بالذنب في أي وقت تفعل فيه شيئا لا يحبه، ويلقي اللوم عليك بشكل مستمر.
العلاقة مع الشخص الاعتمادي:
الشريك الاعتمادي يرفض اتخاذ أي قرار في ما يخص العلاقة بينكما، إذ يعتمد عليك للبت في جميع الأمور الصغيرة والكبيرة مع رفض تحمل مسؤولية أي قرار تتخذه ويكون غير مناسب بالنسبة لشخصيته، وقد تصدر من هذا الشخص ردات فعل عدوانية أو عنيفة أو نوبات من الصراخ تجاهك بسبب القرارات التي لم ترق له.
العلاقة مع الشخص غير الجاد (المستقل):
لا يشعروك هذا النوع من الأفراد السامين بالأمان في العلاقة، بسبب سلوكهم الذي لا يمكن التنبؤ به، ويلازمك شعور مستمر بأنهم ليسوا ملتزمين عاطفيا تجاهك.
العلاقة مع الشخص الاستغلالي:
المستغلون هم من يستنزفون الطاقة بشكل كبير في العلاقة، ويتركونك فورا إذا وجدوا شخصا آخر سيقدم المزيد من أجلهم.
هذه بعض العلاقات السامة وليس جميعها فهناك شخصيات أكثر سميه مثل الأشخاص ذوي الشخصية النرجسية أو السيكوباتية وغيرهم الكثير .
كيفية الخروج الأمن من العلاقات السامة ؟
وضع خطة أمان:
في بداية التفكير بإنهاء العلاقة على الشخص أن يكون قد فكر جيدا جدا بما عليه فعله بعد انتهائها وعليه التفكير أين سيعيش، ماذا سيأخذ معه، كيف سيعتني بنفسه ؟ وهذا يحتاج إلى تفكير مطول ، فعليه أن يكون مستقلا عن الطرف الذي ينفصل منه .
طلب المساعدة :
عندما يكون الشخص في علاقة سامة فهو بحاجة إلى مساعدة من الأصدقاء والعائلة ولا بأس من مشورة شخص مختص، فالتغيير ليس مجرد قرار، بل عملية تستغرق وقتا ؛ يجب البحث عن شخص داعم للمساعدة خلال عملية الشفاء، بسبب أن كثير من الأحيان يعود الناس إلى العلاقة السامة، لأنها مألوفة وبالتالي مريحة، حيث أنهم يعانون من الوحدة بعد انتهاء العلاقة .
وقد يحتاج أي شخص إلى طلب المساعدة أكثر من مرة ولفترات طويلة ، ولكن إذا تعرض طرف للإيذاء الجسدي أو اللفظي أو الجنسي في علاقة ما، فعليه طلب المساعدة والخروج منها فورا.
التعبير عن مشاعرك :
على الشخص أن يعبر عن مشاعره للشخص الآخر، وقد تصبح المحادثة محتدمة فإذا كان الطرف الآخر سريع الغضب فمن الأفضل كتابة الأفكار مسبقا ومن المهم أن لا يوجه أصابع الاتهام أو اللوم عليه، ويجب البدء بأساس محايد وتجنب العبارات مثل “أنت تجعلني أشعر” وبدلا منها قول “أشعر بالحزن الشديد عندما أسمعك تقول”.
في حال قام الشخص بالتعبير عن رأيه عبر رسالة فهذا سيمنح الطرف الآخر وقتا ليفكر بالرد لذا عليه تذكر أنه لا يمكنه التحكم في استجابة الآخر فربما يصبح دفاعيا أو غاضبا، ولكن يمكنه أن يتحكم في كيفية التعامل مع مشاعره فالتعبير عنها يعد خطوة مهمة سواء إصلاح العلاقة أو تركها.
قطع الاتصال بالطرف الآخر:
الطرف السام يستطيع التلاعب بمشاعر الشخص وسحبه إليه مجددا بجعله يشعر بالندم، إذا كان يوجد أطفال فيجب اقتصار التواصل على مشاكل الأطفال فقط، وأن يشغل نفسه ويرجع إلى هواياته، وبما أنه كان بعلاقة سامة فهذا يجعله مستنزفا لذا عليه أخذ وقته بالتعافي قبل الدخول بعلاقة أخرى.
التمسك بقرارك :
غالبا بعد ترك شخص ما، يبدأ الشخص المتضرر في الافتقاد ، وهذا أمر طبيعي فأدمغتنا تتذكر بسهولة الأوقات الجيدة وتنسى الأجزاء السيئة من العلاقة، قد يكون من المغري أن يعيد هذا الشخص إلى حياته، لكن يجب أن يتذكر أنه اتخذ هذا القرار بعد عملية طويلة ومدروسة، لذا عليه أن يلتزم بقراره ويتذكر أن هذا البعد من أجل تحسين حياته.
هذه العلاقات السامة في الحياة تمثل خطرا على المجتمع بشكل مباشر ، حيث أنها تؤدي بالطرف الأخر إلى الإحباط والألم النفسي، وفي بعض الأوقات إلى الألم الجسدي ، فتجعل البيت كله غير طبيعي ؛ مما يخرج للمجتمع أشخاص غير أسوياء نفسيا فتنتشر حالات العنف والسلوكيات السلبية في المجتمع ،لذلك يجب التخلص من أي علاقة سامة بشكل قاطع .