الحلقة الثالثة من وقفات إيمانية
الحلقة الثالثة من”وقفات إيمانية| مع د.محمود حسين -القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين
وجوب التوكل على الله واليقين بأقداره
إنَّ التَّوكل على الله واليقين به قد جعل الهجرة النَّبويَّة رحلةً ممكنةً، مع أنَّها بموازين البشر تعدُّ رحلةً مستحيلةً، لما فيها من مخاطر متعدِّدة منها الطَّريق المجهولة وكثرة العدو، وقلَّة الزَّاد، وقد اتَّخذ -عليه الصلاة والسلام- مجموعةً من القرارات التي لا يعلم عاقبتها، إلَّا أنَّه اتَّخذها متوكلاً على الله -تعالى-،
وقد ظهر هذا التَّوكل واليقين بعدَّة مواقف منها: الإذن بالهجرة الأولى إلى الحبشة فقد أذن -عليه الصلاة والسلام- للصَّحابة أن يهاجروا إلى الحبشة، مع أنَّها بلادٌ بعيدةٌ وغريبةٌ، وأهلها مخالفون بالدِّين، إلَّا أنَّه أذن بالهجرة إليها متوكلاً على الله -تعالى- وموقناً بالفرج والنصر، فقال -صلى الله عليه وسلم- للصحابة -رضوان الله عليهم-: (إنَّ بأرضِ الحَبَشةِ ملِكًا لا يظلَمُ أحدٌ عندَه؛ فالحَقوا ببِلادِه حتى يَجعَلَ اللهُ لكم فَرَجًا ومَخرجًا).
هاجر إلى المدينة من طريقٍ جديدةٍ وكان مطارداً لعدَّة أيامٍ، والخطر يحيط به من كثرة الأعداء والباحثين عنه طمعاً بمكافأة قريش، وصحب ذلك قلَّةٌ في الطَّعام، وعلى الرَّغم من وجود كل هذه المشاق والعقبات لم يتراجع -عليه الصلاة والسلام- ومضى في هجرته متوكلاً على ربِّه ومستعيناً به.
حسن التخطيط من خصال المؤمن القوي
يلاحظ في هجرة النَّبيِّ –صلى الله عليه وسلم- أنَّ موضوع الهجرة لم يكن قراراً اتّخذه النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- ونفّذه بلحظةٍ، بل كان قراراً مدروساً، وقد أخذ وقتاً كافياً في التَّفكير به وإعداده ثمَّ تنفيذه، ومن نماذج حسن التَّخطيط في الهجرة النَّبويَّة: تجهيز المدينة بإرسال من ينشر الإسلام فيها فأصبحت المدينة مستعدَّة لاستقبال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحمايته قبل أن يخرج من مكَّة.
الحلقة الثالثة من وقفات إيمانية
الإذن بهجرة أصحابه قبله
ولو هاجر -عليه الصلاة والسلام- قبل أصحابه لانتبهت قريش ومنعت باقي الصَّحابة من الخروج.
اختيار الرِّفقة والوقت والطريق والراحلة
أيضا وكلُّها مسائل قد فكَّر بها -عليه الصلاة والسلام- قبل أن يخرج مهاجراً من مكَّة. التَّخطيط لمعرفة أخبار قريش حتى بعد خروج النبي .. صلى الله عليه وسلم- من مكَّة وكان عبد الله بن أبي بكر -رضي الله عنهما- هو الذي ينقل لهم الأخبار؛
كذلك لأنَّ عِلم النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- بأخبار قريش يساعده على اتِّخاذ القرار المناسب في طريق الهجرة.. أيضا شمل تخطيط النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- تجهيز من يعرف الطَّريق إلى المدينة وهو عبد الله بن أريقط.. فقد كان خبيراً بالطُّرق بين مكَّة والمدينة. جهَّز -صلى الله عليه وسلم- من يمحو الأثر وهو عامر بن فهيرة.. حيث كان يخفي آثار عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-
أيضا وفي هذا منعٌ لقريش من ملاحقتهما، وحفظٌ لسلامة من ينقل الأخبار.. أيضاً حرمان لقريش من أن يستفيدوا أي معلومة تخصّ الطريق التي هاجر منها النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-.