الاقتصاد المصري نحو المجهول
حسمت مصر أخيرًا قرارها.. الذي صب في مصلحة رجال الأعمال ..الجشعين وسوق الأوراق المالية،.. حيث اتخذ النظام العسكري قرارين تاريخيين ..من شأنهما التأثير بعمق على أداء الاقتصاد الوطني.. إذا تم تطبيقهما على المدى الطويل… وكان الإصلاح الذي تم إحداثه.. في سوق الصرف الأجنبي هو الأبرز.
كذلك فحتى ذلك التاريخ،.. كان البنك المركزي الذي يخضع بالكامل لسلطة الدولة.. يتحكم في قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار أو اليورو. ولكن،.. من الآن فصاعدا ستتحدد قيمته بناءً على العرض والطلب ..على العملات الأجنبية.
الاقتصاد المصري نحو المجهول
فإذا كان هناك نقص في العملات الأجنبية ..كما هو الحال منذ أكثر من عامين ..بسبب الحرب القائمة بين روسيا وأوكرانيا،.. فإن أسعارها بالجنيه المصري ترتفع وتزداد ندرتها.
كذلك ومنذ العام 2022، قام البنك المركزي المصري.. بتخفيض سعر العملة الوطنية ..أربع مرات بنسب كبيرة، حيث قفزت من 17 جنيها إلى أكثر من 30 جنيها مصريا للدولار الواحد
وفي السوق السوداء، وصل سعر الدولار إلى أكثر من 70 جنيها. أما في الفترة المقبلة، فستتحدد قيمة العملة الوطنية في مقابل العملات الأجنبية بصفة يومية.
كذلك يتعلق الإصلاح الثاني بالأسواق المالية. فالمدخرات الوطنية يتم تعويضها بأسعار فائدة لا تواكب ارتفاع الأسعار.
لكن هذا “القمع المالي” الذي أثار استياء أقلية ميسورة الحال تملك وحدها القدرة على الادخار يجب أن ينتهي قريبا، ومن هنا جاءت موجة التكهنات التي تحققت على الفور.
كذلك لفترة زمنية غير معلومة المدى، ستتجاوز أسعار الفائدة معدلات التضخم وستتغير يوميا من خلال المقارنة بين العروض وطلبات الائتمان. وفي 6 آذار (مارس)، تم تقليص الفجوة بين المنحنيين بفضل الارتفاع الفلكي في أسعار الفائدة من +6 في المائة إلى ما بين 24 و30 في المائة.
كما أنه بهذا الحدث السياسي الجلل، تكون الدولة المصرية قد أرخت قبضتها عن أداتين اقتصاديتين رئيسيتين، هما سعر الصرف وسعر الفائدة -وهي القبضة التي استمرت منذ خمسينيات القرن الماضي إثر تولي الرئيس جمال عبد الناصر الحكم.
الاقتصاد المصري نحو المجهول
كذلك ولم تتم تلك الطفرةبجهود حكومية خالصة ..كما زعم رئيس الوزراء المصري.. في مؤتمره الصحفي المنعقد بالإسكندرية في 7 آذار (مارس)، ..ولكن تحت الضغط المستمر لصندوق النقد الدولي، حيث كثفت مديرته، كريستالينا جورجييفا، وهي خبيرة اقتصادية بلغارية بدأت مسيرتها في الحقبة السوفييتية، ..من زياراتها للقاهرة معربةً عن رفضها القاطع لزيادة المساعدات المالية البالغة 3 مليارات ..دولار على ثلاث سنوات من دون الوصول إلى اتفاق على سعر الصرف،.. وهو مبلغ زهيد، بل وأقرب إلى الإهانة بالنسبة لأكبر بلد عربي على الإطلاق من حيث عدد السكان.
ولكن، في 6 آذار (مارس)، تجاوز دعم صندوق النقد الدولي 9 مليارات دولار، مع التزام البنك الدولي والاتحاد الأوروبي بتقديم 15 مليارا أخرى. وتضاف إلى هذه المساعدات صفقة عقارية غامضة تمولها رؤوس أموال إماراتية ستدر أكثر من 35 مليار دولار، منها 5 مليارات تُدفع على الفور. وتعول الحكومة كذلك على عودة المهاجرين إلى القنوات الشرعية لتحويل أموالهم بعد أن اتجهوا بكثافة إلى السوق السوداء في الفترة السابقة (بلغت التحويلات حوالي 30 مليار دولار في العام واحد).
بعد رفع سعر الفائدة وترك الجنيه للعرض والطلب .. الاقتصاد المصري نحو المجهول