الإسلام والإبادة والتطهير العرقي
حرب الإبادة والتطهير العرقي في ميزان الإسلام
منذ استكمال احتلال مدينة القدس قبل أكثر من نصف قرن، إثر حرب حزيران/ يونيو 1967، عمل الاحتلال على تهويد المدينة، عمرانيًا وديموغرافيًا. وقد استندت في إنجاز ذلك إلى منظومة قانونية وإدارية ترسّخ هذا التوجه السياسي، وَسَعي إلى تفتيت النسيج الحضري والاجتماعي والاقتصادي المقدسي، بزرع بؤر استيطانية داخله، وعزل الشطر الشرقي للمدينة عن باقي الضفة الغربية، معتمدةً بناء المستعمرات وجدار الفصل العنصري.
استنادًا إلى أهمية مدينة القدس في الصراع العربي – الصهيوني، يأتي هذا الكتاب ليبرز ساحات الصراع المبنية على التطهير العرقي وآليات مقاومتها الفلسطينية من خلال الوقوف على الوضع القانوني للقدس، والبحث في واقعها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والديني، ودور الحركات الجماهيرية، والفاعلين الاجتماعيين في المدينة، في مواجهة سياسات الإحلال والتهويد الصهيونية. يشتمل الكتاب على أربعة أقسام تتمثّل محاورها في التاريخ والصراع على المقدسات، والتعليم والصراع على الوعي، وأدوات السيطرة على المدينة وأساليب المواجهة، والقدس في السياسة الدولية.
الإسلام والإبادة والتطهير العرقي
التعليم في القدس
تواجه مدينة القدس والمقدسيون سلسلة من المخاطر التي تهدد وضعها/ وضعهم الحالي، ومصيرها/ مصيرهم المستقبلي؛ فآلة التهويد تعمل بكل قوّة على خلق وقائع جديدة على الأرض، وفي مقدمتها تقليص الحيّز والحضور الفلسطيني، وحصره في أحياء قليلة منعزلة عن امتداد المدينة. يضاف إلى ذلك أنّ تقليص الحضور الديموغرافي الفلسطيني في المدينة، ليصل إلى الحد الأدنى وهو 20 في المئة، وهي النسبة التي تتقابل مع نسبة العرب الفلسطينيين في دولة الاحتلال ، ممن يحملون الهوية المدنية الصهيونية. بمعنى آخر، فإنّ التغييرات الديموغرافية غير محصورة في العدد فحسب، بل تنعكس على مجالات أخرى، من بينها، بل في مقدّمتها، التعليم وخدمات أخرى، مثل الصحة والعمران والتوظيف. فالتعليم، وهو مركّب.. بل عنصر مهم جدًّا في تكوين شخصية المقدسي.. أيضا الانتمائية إلى وطنيته وقوميته.. حيث يجري إخضاعه لآلة الطمس والإقصاء والإنكار والتشويه والتزييف والتسطيح، الصهيونية.
والهدف من وراء ذلك.. كذلك تحقيق هيمنة وسيطرة.. وتوجيه سياسي يومي، في جميع تفاصيل الحياة في القدس.. وأيضًا خلق تفوّق حضوري يهودي في المدينة. بمعنى آخر.. حيث يعمل الاحتلال في جميع المستويات .. أيضا من أجل تهويد المكان والفضاء المقدسي وأسرلته، .. ذلك بإطلاق تسميات يهودية وعبرانية وصهيونية على الأماكن.. أيضا وطرد متواصل لعائلات عربية من بعض الأحياء.. ذلك بهدف السيطرة عليها (حيّ سلوان مثلًا).. كذلك ونزع هويات مقدسيين.. كذلك وتقديم خدمات يومية .. في الحد الأدنى.. ذلك لتزداد الفجوة بين المجتمعَيْن اليهودي والفلسطيني .. إلخ.. أيضا فالمجتمع اليهودي يتمتع بخيرات الوطن وثرواته.. كذلك ويستفيد منها.. في حين أنّ ما يتلقاه الفلسطيني .. هو الفتات الذي يضمن له في الحد الأدنى التنفس يوميًّا.