إنسانية العالم وكسر الحصار
انطلقت رحلة سفينة “مادلين” التي أبحرت من إيطاليا بداية يونيو/حزيران الحالي حاملةً على متنها ناشطين بارزين في العمل الإنساني والنضال العالمي، الذين غامروا لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة وتنبيه العالم إلى جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.
لم تكن مبادرة “مادلين” لكسر الحصار عن غزة الأولى، إذ تعد هذه السفينة الـ36 التي تبحر نحو القطاع منذ عام 2007، لكن الاحتلال كان دائما ترصد وتعرقل هذه المحاولات، منتهكة بشكل مستمر كافة القوانين الدولية والإنسانية.
وتعامل جيش الاحتلال مع خطوة “مادلين” برد عسكري عنيف، في رسالة واضحة تعكس خشية تل أبيب تحوّل هذه المبادرات إلى نموذج يحتذى به، وذلك وسط تراجع الدبلوماسية والتشكيك في السردية الصهيونية مع استمرار تعاظم الرواية الفلسطينية.
ورغم الدعوات العالمية للسماح لسفينة “مادلين” بالمرور الآمن، فإن الاحتلال اعترضها، مما يؤكد استمرار تل أبيب في التمتع بإفلات طويل الأمد من العقاب، وبالتالي تشجعيها على مواصلة ارتكاب إبادة جماعية ضد أهالي غزة، إضافة إلى إبقاء الحصار الخانق وغير القانوني المفروض منذ 18 عاما.
وتعد المبالغة الإسرائيلية في التعامل مع سفينة “مادلين” والسفن الصغيرة الأخرى رسالة أمنية وعسكرية واضحة، حيث يخشى الاحتلال تحوّل هذه السفن إلى نموذج لكسر الحصار، مما قد يفتح المجال لسفن أخرى لمحاولة الوصول إلى غزة، بحسب التحليلات الصهيونية .
إنسانية العالم وكسر الحصار
وترى القراءات الصهيونية أن وجود أعضاء من الاتحاد الأوروبي وشخصيات عالمية مؤثرة شاركت في هذه المهمة يضفي رمزية قوية على الحملة، في حين أن رسالة الجيش الصهيوني ليست سلمية ولا تهدف إلى إيجاد حلول لقضية المساعدات الإنسانية، مما يعدّ انتكاسة للرواية الصهيونية حول العالم الذي لم يعد يصدق ما يصدر عن تل أبيب.
ووجَّه الكاتب عيناف شيف، الناقد التلفزيوني في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، انتقادات لاذعة لطريقة تعامل الحكومة الصهيونية مع سفينة “مادلين”.
واعتبر أن .. تصوير العملية كـ”إنجاز سياسي ودعائي” .. كذلك ليس سوى محاولة للتغطية على فشل دبلوماسي متواصل.. وعجز في مواجهة السردية الفلسطينية.. المتعاظمة..أيضا حول ما تتعرض له غزة .. كذلك من حصار وتجويع.
أيضا وتعكس المبالغة الرسمية والإعلامية.. في الحدث -حسب شيف-.. كذلك أزمة وعي عميقة .. في دولة الكيان.. ذلك وسط “مهرجان علاقات عامة”.. يحول الناشطة غريتا ثونبرغ.. إلى هدف سياسي.. في حين ينظر العالم إلى الاحتلال .. أيضا بوصفه كيانا منبوذا.. حيث تزداد عزلته مع كل يوم يمر.. في ظل حربه المستمرة على قطاع غزة.