رمضان شهر عظيم، بل أعظم شهور العام ،وعلى المسلم أن يجعل كل همه في هذا الشهر طاعة المولى عز وجل ، والحصول على أعلى الدرجات ؛ بالعبادات وبكل ما يقربنا إلى الله ، وليس هناك أهم من أولادنا ؛ فنجعل لهم حظا من وقتنا ؛ لنتقرب إلى الله بتربيتهم هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى هو اغتنام فرصة أجواء رمضان – المختلفة عن باقي شهور العام- لتربية أبنائنا ورغبتهم في معرفة آداب هذا الشهر الكريم .
متى نعلم أولادنا الصيام ؟
فالطفل لا يكلف بالصيام إلا بعد البلوغ ؛ ولكن أولادنا إذا بدأت أجواء رمضان يستعدون نفسيا ، ويتساءلون ؛ ما هو رمضان؟ ، وما هو السحور؟ ، ومتى سنفطر وكيف سنصوم ؟، وهل سنذهب إلى المسجد ؟
كلها تربة خصبة يجب أن نغتنمها ؛ لكي تصل إليهم فكرة التعود بالتدريج على صيام رمضان ، فإذا تعود الطفل في الصغر على الصيام فلن يواجه مشكلة بعد كبره ، وهذا قد جاء في السنة ؛ فكانت الصحابيات يقلن أنهم كانوا يصنعون الألعاب من الصوف ويأخذونها معهم إلى المسجد فإذا جاع الطفل أعطوها له حتى يحين موعد الإفطار .
رمضان شهر التربية
وكذلك علينا اغتنام الفرصة بأن يصل إلى أولادنا فكرة أن الصيام فرض علينا لا لتعذيب المسلم ؛ ولكن لإخضاعه وتسليمه لله عز وجل ؛ بامتناعه عن الحلال حتى يتعلم الصبر ؛ فيستطيع الصوم عما هو حرام .
وللطفل في هذا الوقت أن يتدرب على سلوكيات الصيام الجميلة ، من الامتناع عن فحش القول والألفاظ السيئة وعن العنف مع إخوته وأصدقائه ، وأن هذه السلوكيات مرفوضة طوال العام ، ولكن يجب التدرب عليها في هذا الشهر ؛ بزرع داخله فكرة انك قوي لأنك استطعت الامتناع عن الطعام ؛ لذلك تستطيع فعل ما هو اقل منه .
والطفل في هذه الأوقات يتعلم أن هناك هدف من أهداف الصيام ، وهو الشعور بالفقراء المحرومين من الطعام ، والإحساس بمعاناتهم ؛ فيتعلم من هذا عدم الإسراف ؛ وذلك بألا نعوض الصيام بالكثير من أصناف الطعام ، ولكن يكون فقط بتحبيبه في الصيام بوجود الصنف المحبب إلى نفسه ؛ حتى لا نفسد ما تعلمه من صبر .
وهذه الأجواء الرمضانية الجميلة تجعل تعلم الطفل بالمحاكاة من أهله أمرا ميسرا ؛ فيجب اغتنام هذا الوقت لزرع الخصال الحميدة ، مثل التكافل ، ومساعدة الآخرين ؛ وذلك عن طريق المساعدة في تجهيز وجبات لإفطار الصائمين، وكذلك إشراكهم في الأعمال الخيرية ؛ كالسؤال عن المحتاجين ومساعدتهم .وهذا يؤهله أيضا لتعلم التعاون والعمل في جماعة وروح الفريق .
وأيضا يجب الاهتمام بربط الطفل بالمسجد ؛ وذلك بالمحافظة على إقامة كل الصلوات في المسجد وصلاة القيام والتهجد إن أمكن .
ومن هذا فإن رمضان شهر للعبادة، وتربية أولادنا من أهم العبادات التي نتقرب بها للمولى عز وجل ، وأولادنا هم الصدقات الجارية لنا ؛ فتقديمها إلى الله قربة له أمر مهم في هذا الشهر الكريم، وكذلك فإن تربة رمضان تربة خصبة للتربية والتعلم والمحاكاة فيجب اغتنامها .داعيين المولى أن يوفقنا في تربيتهم وأن يصنعهم على عينه .