التهجير القسري لأهل غزة
في مشهد سياسي مألوف ولكنه مشحون بتهديدات جديدة، عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في ولايته الثانية، ليضع الشرق الأوسط في مركز خطة تبدو أكثر جذرية وخطورة من “صفقة القرن” التي طرحها في عام 2020. خطته الحالية، التي تهدف إلى تهجير أكثر من مليون ونصف فلسطيني من غزة إلى مصر والأردن، تعيد للأذهان مفاهيم الاستعمار القديم، حيث تستخدم القوة السياسية والعسكرية لإعادة رسم الخرائط السكانية خدمة لمصالح القوى الكبرى. ولكن، في ظل هذه التحولات، يبرز سؤال جوهري: هل هذا الطرح جدي بالفعل، أم مجرد اختبار للأنظمة والشعوب العربية؟ وما هو الفرق بين هذا المقترح وما سُمّي “صفقة القرن”؟
من “صفقة القرن” إلى مشروع التهجير: استمرارية النهج أم تصعيد الأزمة؟
لعل أولى المقارنات التي يمكن إجراؤها بين خطة ترامب عام 2020 (صفقة القرن) ومشروعه الجديد هو مستوى التصعيد في التعامل مع القضية الفلسطينية.
التهجير القسري لأهل غزة
صفقة القرن: محاولة لتصفية القضية بالاقتصاد
طرحت “صفقة القرن” رؤية اقتصادية أساسها تقديم مساعدات واستثمارات تبلغ 50 مليار دولار للفلسطينيين، مقابل التخلي عن حقوقهم الوطنية المشروعة، وخاصة حق العودة. كانت الخطة مبنية على مقاربة تقول إن الفلسطينيين يمكنهم التخلي عن تطلعاتهم السياسية مقابل تحسين أوضاعهم المعيشية.
– في صفقة القرن، ركز ترامب على إضفاء طابع “إنساني” و”اقتصادي” على الصراع، متجاهلًا الجذور التاريخية والسياسية للنزاع.
– تمت محاولة دمج الخطة في سياق إقليمي عبر دفع الدول العربية إلى التطبيع مع “إسرائيل” كجزء من “السلام الاقتصادي”.
مشروع التهجير: من الاقتصاد إلى الإقصاء القسري
أما في المقترح الجديد، فإن ترامب يتجاوز حتى الإطار الاقتصادي ليطرح حلاً جذريًا يقوم على التهجير القسري لسكان غزة. هذه الخطوة تتجاهل تمامًا أي اعتراف بحقوق الفلسطينيين، وتضعهم أمام خيارين: إما الإخلاء أو الموت تحت القصف والحصار. هل نجح ترامب في فرض معادلته بين خيارين متناقضين؟ هذا ما سنستكشفه في السطور القادمة من هذا المقال.
– التهجير القسري يتجاوز أطر “الحلول السلمية” التي حاولت صفقة القرن الترويج لها، ويدخل في صلب جرائم الحرب، حيث يتم اقتلاع شعب بأكمله من جذوره.
– بينما ركزت صفقة القرن على “عادة ترتيب” الفلسطينيين في إطار وضعهم كأقلية مهمشة داخل الكيان الصهيوني، يهدف مشروع التهجير إلى محو الوجود الفلسطيني فعليًا من غزة.
أيضا القاسم المشترك: تغييب الفلسطينيين كشركاء .. ذلك سواء في صفقة القرن .. أو مشروع التهجير الحالي.. كذلك تبقى الرؤية واحدة: الفلسطينيون ليسوا شركاء في صياغة مستقبلهم.. حيث يتم التعامل معهم كأدوات أو عقبات.. وليس كأصحاب حق وأرض.