سوريا إلي أين
سوريا إلي أين؟.. قراءة في مستقبل الثورة السورية
لقد نسينا الثورة السورية، ولم تكد الحرب تتوقف في الجنوب اللبناني حتى اندلعت في حلب، ولعل المفاجأة كانت سببا في كثير من الأحكام الارتجالية؛ مثل أن الصهاينة وراء ذلك، فهي تخطط لإسقاط النظام السوري لأنه من أنظمة الممانعة، وتسعى لهزيمة قوات حزب الله في دولة الجوار، ومن هنا فلا بد أن يكون مخطط التقسيم القديم قد بدأ فعلا في التنفيذ!
أحد المعارضين السوريين أخبرني أن المعارضة تعد العدة لهذه الجولة منذ شهرين، لكن الحرب في جنوب لبنان حالت دون بدء هذه الجولة، ومع ذلك قد أتجاهل هذا كله، فقد لا نقبل هذا الدفع ونسلم بأنه استغلال لما جرى من مواجهة بين حزب الله والاحتلال، وأن قوات الحزب ليست في لياقتها الكاملة، وهو استغلال للظرف الدولي بجانب ذلك!
لكن يتبدى سؤال هنا: ألم يستغل بشار الأسد عدم رغبة الجار بالجنب في الإطاحة به، امتثالا لرأي الثورة، ليقتل ويدمر، ولكي يحافظ على نظام حكمه؟!
لقد حوّل بشار الأسد الجيش إلى مليشيات علوية، تقتل وتبيد وتعتقل، واستعان بالجيش الروسي والإيراني وبقوات حزب الله لمواجهة شعبه بالبراميل المتفجرة، فكيف أمكن للقوميين العرب تبرير هذا وإدانة ذاك، مع أن هذا من ذاك، بل إن هذا هو ذاك؟!
تسعة شهور قضتها الثورة السورية سلمية ككل ثورات الربيع العربي، فلم يتنحّ بشار الأسد، بل لم يجد نفسه مطالبا بتقديم أي إصلاحات، ولو في حدود ما قدمه أستاذ العناد الدولي حسني مبارك. فقد استقوى بالمليشيات التي استدعاها من هنا وهناك، وعدم رغبة البيت الأبيض -تنفيذا لرغبة الاحتلال- في الإطاحة به، وصار مطلق السراح يرتكب جرائم الحرب ضد شعبه، والتدمير ضد وطنه!
سوريا إلي أين
ولم يتألم وهو يشاهد هذا الخراب والتدمير، وبعد أن ألقت الحرب أوزارها لم يفكر في البدء في الإعمار.. كما وشرد الشعب السوري في الأصقاع، ومن ألمانيا إلى تركيا.. ولم يتأذ ضميره كرئيس وهو يسمع عن ستة ملايين سوري لدى الجار التركي.. حيث صاروا عبئا على النظام هناك وخصما من رصيده .. ويعيش معظمهم في ظروف بائسة.. أيضا وليسوا جميعهم من الذين خرجوا عليه، أو طالبوا بإسقاطه.. فهو لا يشعر بأنه رئيس مسؤول .. كذلك فالموقع ليس أكثر من لعبة “شبط” فيها!
أيضا بعد هزيمة المعارضة المسلحة .. كانت أمامه فرصة عظيمة .. ذلك أن يقوم من موقع المنتصر بإصلاحات سياسية.. وأن يحتوي هذه المعارضة المهزومة.. كذلك وأن يفرج عن المعتقلين .. ويعتذر عن جرائمه في حق شعبه.. لكن هذا الوقوف الروسي والإيراني معه دفعه للاستمرار في العناد للنهاية!
من حلب إلي إدلب الثورة تستعيد أنفاسها