يحي السنوار القائد الشهيد
المولد والنشأة
ولد يحيى إبراهيم حسن السنوار يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول 1962 في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة، نزحت أسرته من مدينة مجدل شمال شرقي القطاع بعد أن احتلتها دولة الاحتلال إثر نكبة عام 1948 وغيرت اسمها إلى “أشكلون” (عسقلان).
تلقى تعليمه في مدرسة خان يونس الثانوية للبنين، قبل أن يلتحق بالجامعة الإسلامية بغزة ويتخرج منها بدرجة الباكالوريوس في شعبة الدراسات العربية.
نشأ في ظروف صعبة وتأثر في طفولته بالاعتداءات والمضايقات المتكررة للاحتلال لسكان المخيمات.
تزوج في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2011 من سمر محمد أبو زمر، وهي سيدة غزية حاصلة على ماجستير تخصص أصول الدين من الجامعة الإسلامية بغزة، له ابن واحد يدعى إبراهيم.
النشاط السياسي
كان ليحيى السنوار نشاط طلابي بارز خلال مرحلة الدراسة الجامعية، إذ كان عضوا فاعلا في الكتلة الإسلامية، وهي الفرع الطلابي لجماعة الإخوان المسلمين في فلسطين.
شغل مهمة الأمين العام للجنة الفنية ثم اللجنة الرياضية في مجلس الطلاب بالجامعة الإسلامية بغزة، ثم نائبا لرئيس المجلس ثم رئيسا للمجلس.
ساعده النشاط الطلابي على اكتساب خبرة وحنكة أهلته لتولي أدوار قيادية في حركة حماس بعد تأسيسها عام 1987 خلال انتفاضة الحجارة.
أسس مع خالد الهندي وروحي مشتهى -بتكليف من مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين– عام 1986 جهازا أمنيا أطلق عليه منظمة الجهاد والدعوة ويعرف باسم “مجد”.
وكانت مهمة هذه المنظمة الكشف عن عملاء وجواسيس الاحتلال وملاحقتهم، إلى جانب تتبع ضباط المخابرات وأجهزة الأمن الصهيونية ، وما لبثت أن أصبحت هذه المنظمة النواة الأولى لتطوير النظام الأمني الداخلي لحركة حماس
يحي السنوار القائد الشهيد
الاعتقالات وحياة السجناعتقل لأول مرة عام 1982 بسبب نشاطه الطلابي وكان عمره حينها 20 عاما، ووضع رهن الاعتقال الإداري 4 أشهر وأعيد اعتقاله بعد أسبوع من إطلاق سراحه، وبقي في السجن 6 أشهر من دون محاكمة. وفي عام 1985 اعتقل مجددا وحكم عليه بـ8 أشهر.
في 20 يناير/كانون الثاني 1988، اعتقل مرة أخرى وحوكم بتهم تتعلق بقيادة عملية اختطاف وقتل جنديين ، وقتل 4 فلسطينيين يشتبه في تعاونهم مع الاحتلال، وصدرت في حقه 4 مؤبدات (مدتها 426 عاما).
خلال فترة اعتقاله تولى قيادة الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس في السجون لدورتين تنظيميتين، وساهم في إدارة المواجهة مع مصلحة السجون خلال سلسلة من الإضرابات عن الطعام، بما في ذلك إضرابات أعوام 1992 و1996 و2000 و2004.
تنقل بين عدة سجون؛ منها المجدل وهداريم والسبع ونفحة، وقضى 4 سنوات في العزل الانفرادي، عانى خلالها من آلام في معدته، وأصبح يتقيأ دما وهو في العزل.
حاول الهروب من سجنه مرتين، الأولى حين كان معتقلا في سجن المجدل بعسقلان، والثانية وهو في سجن الرملة، إلا أن محاولاته باءت بالفشل.
في سجن المجدل، تمكن من حفر ثقب في جدار زنزانته بواسطة سلك ومنشار حديدي صغير، وعندما لم يتبق سوى القشرة الخارجية للجدار انهارت وكشفت محاولته، فعوقب بالسجن في العزل الانفرادي.
وفي المحاولة الثانية في سجن الرملة استطاع أن يقص القضبان الحديدية من الشباك، ويجهز حبلا طويلا، لكنه كشف في اللحظة الأخيرة.
تعرض لمشاكل صحية خلال فترة اعتقاله، إذ عانى من صداع دائم وارتفاع حاد في درجة الحرارة، وبعد ضغط كبير من الأسرى أجريت له فحوصات طبية أظهرت وجود نقطة دم متجمدة في دماغه، وأجريت له عملية جراحية على الدماغ استغرقت 7 ساعات.
حرم خلال فترة سجنه من الزيارات العائلية، وصرح شقيقه غداة الإفراج عنه أن الاحتلال منعه من زيارة يحيى 18 عاما، كما أن والده زاره مرتين فقط خلال 13 عاما.
يحي السنوار القائد الشهيد
مؤلفات في السجناستثمر يحيى السنوار فترة السجن التي استمرت 23 عاما في القراءة والتعلم والتأليف، تعلم خلالها اللغة العبرية وغاص في فهم العقلية الصهيونية ، وألف عددا من الكتب والترجمات في المجالات السياسية والأمنية والأدبية، ومن أبرز مؤلفاته:
ترجمة كتاب “الشاباك بين الأشلاء”، لكارمي جيلون، وهو كتاب يتناول جهاز الأمن الداخلي (الشاباك).
ترجمة كتاب “الأحزاب الصهيونية عام 1992″، ويعرف بالأحزاب السياسية في الاحتلال وبرامجها وتوجهاتها خلال تلك الفترة.
رواية بعنوان “شوك القرنفل” صدرت عام 2004 وتحكي قصة النضال الفلسطيني منذ عام 1967 حتى انتفاضة الأقصى.
كتاب “حماس: التجربة والخطأ”، ويتطرق لتجربة حركة حماس وتطورها على مر الزمن.
كتاب “المجد” صدر عام 2010 ويرصد عمل جهاز “الشاباك” الصهيوني في جمع المعلومات وزرع وتجنيد العملاء، وأساليب وطرق التحقيق الوحشية من الناحية الجسدية والنفسية، إضافة إلى تطور نظرية وأساليب التحقيق والتعقيدات
التي طرأت عليها وحدودها.
يحي السنوار القائد الشهيد
النشاط السياسي والعسكري بعد السجنأطلق سراح يحيى السنوار عام 2011، وكان واحدا من بين أكثر من ألف أسير حرروا مقابل الجندي جلعاد شاليط ضمن ما سمي صفقة “وفاء الأحرار”.
وتمت الصفقة بعد أكثر من 5 سنوات قضاها شاليط في الأسر بغزة، ولم تنجح الاحتلال خلال عدوانه الذي شنته على القطاع نهاية 2008 في تخليصه من الأسر.
بعد الخروج من السجن انتخب السنوار عضوا في المكتب السياسي لحركة حماس خلال الانتخابات الداخلية للحركة سنة 2012، كما تولى مسؤولية الجناح العسكري كتائب عز الدين القسام، وشغل مهمة التنسيق بين المكتب السياسي للحركة وقيادة الكتائب.
كان له دور كبير في التنسيق بين الجانبين السياسي والعسكري في الحركة خلال العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014.
وأجرى السنوار بعد انتهاء هذا العدوان تحقيقات وعمليات تقييم شاملة لأداء القيادات الميدانية، وهو ما نتج عنه إقالة قيادات بارزة.
عام 2015 عينته حركة حماس مسؤولا عن ملف الأسرى الصهاينة لديها، وكلفته بقيادة المفاوضات بشأنهم مع الاحتلال الصهيوني ، وفي السنة نفسها صنفته الولايات المتحدة الأميركية في قائمة “الإرهابيين الدوليين”، كما وضعه الاحتلال على لائحة المطلوبين للتصفية في قطاع غزة.
يحي السنوار القائد الشهيد
انتخب يوم 13 فبراير/شباط 2017 رئيسا للمكتب السياسي للحركة في قطاع غزة خلفا لإسماعيل هنية.
حاول في هذه الفترة إصلاح العلاقات بين حركة حماس في غزة والسلطة الفلسطينية بقيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) في الضفة الغربية، وإنهاء حالة الانقسام السياسي في الأرضي الفلسطينية ضمن مصالحة وطنية، إلا أن هذه المحاولات انتهت بالفشل.
عمل أيضا على تحسين العلاقات مع مصر، حيث التقى ضمن وفد قيادي وأمني مع قيادات من المخابرات المصرية في القاهرة سنة 2017، وتم التوصل لاتفاقات حول الأوضاع المعيشية والأمنية والإنسانية والحدود.
في مارس/آذار 2021، انتخب رئيسا لحركة حماس في غزة لولاية ثانية مدتها 4 سنوات في الانتخابات الداخلية للحركة.
تعرض منزله للقصف عدة مرات، إذ قصفته طائرات الاحتلال ودمرته بالكامل عام 2012، وخلال العدوان على قطاع غزة عام 2014، ثم خلال غارات جوية في مايو/أيار 2021.
يوصف السنوار بأنه شخصية حذرة، لا يتكلم كثيرا كما لا يظهر علنا إلا نادرا، كما أنه يمتلك مهارات قيادية عالية وله تأثير قوي على أعضاء الحركة.
يحيى السنوار وطوفان الأقصى
بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول، أصبح يحيى السنوار المطلوب الأول لدى الاحتلال، إضافة إلى محمد الضيف القائد العام لكتائب عز الدين القسام.
وأصبح التخلص من زعيم حماس أهم الأهداف الإستراتيجية للعملية العسكرية الصهيونية في قطاع غزة، والتي أطلقت عليها اسم “السيوف الحديدية”، إذ يعتبره مسؤولون صهاينة العقل المدبر لهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 فرضت الحكومة البريطانية.. عقوبات على قيادات من حماس .. تشمل تجميد أصول وحظر السفر.. ومن بينهم السنوار.
كما أصدرت السلطات الفرنسية في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.. مرسوما يقضي بتجميد أصول السنوار لمدة ستة أشهر.
أيضا لم يظهر السنوار علنا خلال تلك الحرب.. وذكرت صحيفة “هآرتس” أنه التقى بعض الأسرى .. ذلك خلال فترة احتجازهم في غزة.. أيضا وأخبرهم بلغة عبرية سليمة .. أنهم في المكان الأكثر أمانا ولن يتعرضوا لأي مكروه.
في 6 ديسمبر/كانون الأول 2023.. أعلن رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو .. محاصرة قوات الجيش الصهيوني منزل السنوار.. لكن لم يتم الوصول إليه.. ويعتقد مسؤولون في الجيش أنه يدير العمليات .. كذلك مع باقي قادة الجناح العسكري لحماس .. ذلك من داخل شبكة الأنفاق التي بنتها الكتائب تحت الأرض.
مذكرة اعتقال
يوم 20 مايو/أيار 2024 أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.. كريم خان تقديمه طلبا للمحكمة .. ذلك لاستصدار أمر اعتقال بحق نتنياهو .. ووزير الدفاع الصهيوني يوآف غالانت.. أيضا ومن جهة أخرى السنوار والضيف وهنية .. ذلك بتهم ارتكابهم جرائم حرب.. وجرائم ضد الإنسانية .. عقب أحداث أكتوبر/تشرين الأول 2023.
كذلك وتعليقا على هذا القرا.. قال سامي أبو زهري القيادي في حركة حماس لوكالة رويترز .. إن قرار الجنائية الدولية طلب إصدار مذكرة اعتقال .. بحق 3 من قادة الحركة الفلسطينية.. “مساواة بين الضحية والجلاد”.
كما وأضاف أن قرار المحكمة يشجع الاحتلال على الاستمرار في “حرب الإبادة”.
قائدا لحماس بعد هنية
في يوم 31 يوليو/تموز 2024 .. حيث أعلنت حركة حماس أن الاحتلال اغتال رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية.. في مقر إقامته بالعاصمة الإيرانية طهران.. وذلك بقصف الشقة التي كان فيها مع مرافقه.
وقد كان هنية في طهران على رأس وفد من الحركة.. ذلك للمشاركة في مراسيم تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشيكيان..
كذلك وبعد دفن هنية في العاصمة القطرية الدوحة.. بدأت الحركة انتخابات داخلية لاختيار خليفة لهنية.. كما وأعلنت يوم الثلاثاء 6 أغسطس/آب 2024.. أن هيآتها الشورية اختارت بالإجماع .. يحيى السنوار رئيسا جديدا للحركة.
استشهاد السنوار
في يوم الخميس 17 أكتوبر/تشرين الأول 2024.. حيث نشر الجيش الصهيوني وجهاز الشاباك بيانا مشتركا.. أعلنا فيه قتل 3 أشخاص .. في عملية نفذها الاحتلال في قطاع غزة.
كذلك وقال البيان إن “الجيش وجهاز الشاباك يحققان .. في احتمال مقتل السنوار في العملية لعدم القدرة على الجزم في هذه المرحلة.. ذلك بشأن هوية الأشخاص” المستهدفين فيها.
وقالت إذاعة الجيش الصهيوني .. “إن الجيش تمكن من قتل السنوار في قطاع غزة”.. كذلك وذكرت أن القوات الصهيونية .. تواصل عملية التأكد من فحص حمضه النووي.. الذي تحتفظ به منذ أن كان قائد حماس معتقلا لديها.
ونقلت مصادر إعلامية صهيونية عن الجيش .. قوله “إن العملية التي استهدفت السنوار في مدينة رفح .. لم يكن مرتبا لها، وإنما حدثت مصادفة.. ذلك حين رصدت قوة من الجيش 3 من عناصر القسام في أحد المباني.. كما وخاضت معهم اشتباكا أدى إلى مقتلهم.. ويعتقد أن أحدهم هو السنوار”.
ويوم الجمعة 18 أكتوبر/تشرين الأول.. نعت حركة حماس قائدها يحيى السنوار وأكدت استشهاده.. كذلك وقال القيادي في الحركة خليل الحية .. في كلمة مصورة بثتها قناة الجزيرة .. أيضا إن السنوار استشهد في مواجهة مع جنود الاحتلال.
وأكد الحية أن الحركة ماضية على دربه في مقارعة الاحتلال حتى دحره.. وقال إن “السنوار ارتقى مقبلا غير مدبر.. كذلك مشتبكا في مقدمة الصفوف.. أيضا ويتنقل بين المواقع القتالية”.
كما وأضاف أن “أسرى الاحتلال لن يعودوا إلا بوقف العدوان على غزة .. والانسحاب الكامل منها وخروج أسرانا من المعتقلات”.. وأن “استشهاد القائد السنوار .. أيضا ومن سبقه من القادة لن يزيد حركتنا إلا قوة وصلابة”.