فقه الجهاد المعاصر (4)
في ظل الحرب الصهيونية على غزة وأهلها- والتي خلّفت عددا من الشهداء بلغ 27 ألفا و238 فلسطينيا .. بينما بلغ عدد الجرحى 66 ألفا و452.
الموقف الثالث؛
أيضا عبّر عنه الشيخ السعودي محمد بن عمر بازمول.. فقد قرر أن جهاد الدفع له ثلاث أحوال:الأولى: المواجهة مع الكافر؛ فإما أن يدفعه وإما أن يقتله.. كذلك فهذه صورة دفع الصائل. وهنا لا يشترط في الدفع شرط ويتعين قتال الصائل.. الثانية: أن يَدْهم العدو بلاد المسلمين ولكن لا نكون في مواجهة معه.. أيضا “ويمكننا الرجوع إلى ولاة الأمر والتحرك بحسب توجيهاتهم”، وهنا لا بدّ من إذن الإمام .. كذلك الثالثة: “إذا تمكن العدو من البلد وأصبح مستقرًّا فيها، فههنا صورتان:
الصورة الأولى:
ألا ندخل معه في صلح: فإن كنا في حالة ضعف فعلينا الصبر، وإن لم نكن في ضعف يُراعى ما يحقق المصالح ويدرء المفاسد
فقه الجهاد المعاصر (4)
الصورة الثانية:
أن ندخل في صلح مع العدو المستقر في بلادنا، فالأصل في هذا حفظ الصلح، ودخول بعضنا في الصلح يلزم البقية بحفظ هذا الصلح.. وإذا اعتدى هذا العدو الذي صالحناه على مسلمين آخرين “يقدم حفظ الصلح على نصرة إخواننا”.. أما مناوشة أفراد لهذا العدو المستقر في البلد والذي تربطنا به علاقة صلح.. ذلك بما يجر الضرر على المسلمين في البلد، فلا تدخل في جهاد الدفع أصلًا.. بل هي نقض للصلح وينبغي الأخذ على أيدي هؤلاء المناوشين.
تعكس المواقف الثلاثة السابقة إشكالية فهم الجهاد واستعادته في ظل الدولة القومية، وقد التبس عليها الفرق بين الحكم والفتوى؛ فأحكام الجهاد – كما هي مسطرة في فقه ما قبل الدولة القومية – معلومة ومنضبطة، ولكن الإشكال ينشأ اليوم من الفتوى، أي تنزيل تلك الأحكام في سياق الدولة القومية، كما في حالة الحرب الدائرة اليوم على غزة مثلًا.
فالموقف الأول السابق لا يعد فتوى؛ لأنه لا يصور المسألة بل يكتفي بعبارات عامة كقوله: “كل من كان قادرًا” من “الداخل الفلسطيني” ثم من “دول الطوق” و”بحسب المستطاع”. فلا ذكر هنا لمسألة العهود والصلح، ولا تفاصيل عن مفهوم القدرة على الجهاد وأدواته في عالم اليوم التي تحتاج إلى عدة وعتاد، بل إن البيان يؤقت الجهاد بحالة “إنهاء العدوان إلى غير رجعة” دون مناقشة أو بحث لموازين القوى وتطورات المعركة المفتوحة على احتمالات عدة.