مداخلة مع د توفيق طعمة
لن تدخّر الآلة الحربية الإسرائيلية ..جهدا لاستعراض قوتها الانتقامية ..بعد الفضيحة التي لحقت بها يوم 7 أكتوبر.. العظيم في عملية
طوفان الأقصى... لا شيء سيمحو صور القصف بالطائرات المسيّرة الانتحارية ..وإنزال الطائرات الشراعية
وتحرّكات الزوارق البحرية واجتياح إسرائيل ..بالدرّاجات النارية تحت غطاء وابل من صواريخ المقاومة الفلسطينية. ..لا شيء سيبدّد صورة تسلّل مئات المقاومين إلى قواعد جيش الاحتلال ..واختراقهم تحصيناته العسكرية ومستوطناته في واضحة النهار.
مداخلة مع د توفيق طعمة
مهما انتقمت إسرائيل من المدنيين الفلسطينيين،.. لن تغيّب صور الجثث المبعثرة لجنود الاحتلال ..وهروب ضبّاط ونخب قتالية منه مخلفين وراءهم دبّابات.. وشاحنات مصفّحة وأسرى بالجملة… ستظلّ هذه الصور محفورة في مخيال إسرائيل والعالم، ..شأن كل الصور الصادمة والخارقة للعادة، لكن ثمن هذا الزحف الكبير يُرعب أهل قطاع غزّة وباقي الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
كذلك فالجديد في عملية طوفان الأقصى، ..أنها كانت استعراضا في إخراجها إلى حد كبير،.. إذ تم تخطيط الزحف بحبكة درامية شبه هوليوودية… لا شك أنه ضربٌ من الجنون أن يفكّر مئات المقاومين الفلسطينيين ..في التسلّل من سجن غزّة برّا وبحرا وجوّا للزحف على إسرائيل وثكناتها ومستوطناتها، ..رغم منظومة الجدار المُحصَّن.. بجدرانٍ اسمنتيةٍ وتلالٍ رمليةٍ وأبراج ..مراقبة عسكريةٍ كذلك والكترونيةٍ وأسلاكٍ شائكةٍ وكاميراتٍ ..
كما وأجهزة استشعار وغيرها من التقنيات العسكرية المتطوّرة التي يُفترض أن ترصد أي تسلّل، وتطلق النار على المتسللين. أما أن يُنفذ هذا المشروع على مرآى العالم ومسمعه، فهو الجنون بعينه، خصوصا وقد صيغ سيناريو الزحف في شكل فيلم هوليوودي يحترم قواعد الحبكة الدرامية ليروي قصة زحفٍ رُتّبت له الأحداث، وسُخّرت له شخصياتٌ لكل منها دورُها في اجتياز كل العقبات، لتثأر جميعها من المجرم الإسرائيلي الذي أمعن في إجرامه.
كما كان اختيار يوم الزحف،.. السابع من أكتوبر،.. رمزيا للغاية في تخليده الذكرى الخمسين لحرب أكتوبر 1973. ..ولم يكن اختيار صباح يوم سبت محض مصادفة أيضا، ..إذ تزامن مع يوم عطلة ليس فقط في إسرائيل، ..بل في كل العالم،.. ما أتاح فرصة إبقاء ملايين المشاهدين أمام التلفاز حتى المساء على الأقل،
كذلك وهم يتابعون هجوما فلسطينيا يضرب كل رموز القوّة التي تتبجّح بها إسرائيل، بدءًا باستخباراتها، العين التي يُفترض أنها تعلم ما في الصدور، وبدأت كأنها في غفوةٍ وغفلةٍ من هجوم ربما استغرق تحضيرُه شهورا أو أكثر،.. وشارك فيه مئات المقاتلين
مداخلة مع دتوفيق طعمة_محلل سياسي فلسطيني