علمانية الغرب
إذا فإن أمتنا الإسلامية اليوم تمر بقترة من أسوأ فترات حياتها ، فهي الآن ضعيفة مستذلة ،
هذا وقد تسلط عليها أشرار الناس من اليهود والنصارى ، وعبدة الأوثان ،
وما لذلك من سبب إلا البعد عن الالتزام بالدين الذي أنزله الله لنا ، هداية ورشادا ، وإخراجا لنا من الظلمات إلى النور .
وقد كان هذا البعد عن الدين في أول أمره مقصورًا على طائفة من المسلمين ،
لكنه بدأ الآن ينساح حتى تغلغل في طائفة كبيرة من الأمة ،
وقد كان لانتشار العلمانية على المستوى الرسمي والمستوى الفكري والإعلامي الأثر الأكبر ، في ترسيخ هذا البُعد وتثبيته ، والحيلولة دون الرجوع مرة أخرى إلى نبع الهداية ومعدن التقوى .
من هنا كانت هذه الرسالة الموجزة عن ( العلمانية وثمارها الخبيثة ) في بلاد المسلمين ،
لعلها تؤتي ثمارها في تبصير المسلمين بحقيقة هذه الدعوة ، ومصادرها ، وخطرها على ديننا ، وآثارها المميتة ،
حتى نسارع في التحصن منها ، ومقاومتها ، وفضح دعاتها ، والقضاء عليها – بإذن الله – حتى نعود إلى ديننا ، وتعود لنا العزة كما كانت ، { ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين } .
علمانية الغرب
كان الغرب النصراني في ظروفه الدينية المتردية هو البيئة الصالحة ، والتربة الخصبة ، التي نبتت فيها شجرة العلمانية وترعرعت وقد كانت فرنسا بعد ثورتها المشهورة هي أول دولة قيم نظامها على أسس الفكر العلماني ،
كذلك لم يكن هذا الذي حدث من ظهور الفكر العلماني والتقيد به – بما يتضمنه من إلحاد ، وإبعاد للدين عن كافة مجالات الحياة بالإضافة إلى بغض الدين ومعاداته ، ومعاداة أهله – أقول لم يكن هذا حدثا غريبا في بابه ،
ذلك لأن الدين عندهم حينئذ لم يكن يمثل وحي الله الخالص الذي أوحاه إلى عبده ورسوله المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام. وإنما تدخلت فيه أيدي التحريف والتزييف ، فبدلت وغيرت وأضافت وحذفت ،
فكان من نتيجة ذلك أن تعارض الدين المبدل مع مصالح الناس في دنياهم ومعاملاتهم ،
في الوقت نفسه الذي تعارض مع حقائق العلم الثابتة ، ولم تكتفِ الكنيسة – الممثلة للدين عندهم –
بما عملته أيدي قسيسيها ورهبانها من التحريف والتبديل ،
حتى جعلت ذلك دينا يجب الالتزام والتقيد به ، وحاكمت إليه العلماء المكتشفين ، والمخترعين ،
وعاقبتهم على اكتشافاتهم العلمية المناقضة للدين المبدل ،
فاتهمت بالزندقة والإلحاد ، فقتلت من قتلت ، وحرقت من حرقت ، وسجنت من سجنت ..
العلمانية الملحدة : وهي التي تنكر الدين كلية : وتنكر وجود الله الخالق البارئ المصور ،
ولا تعترف بشيء من ذلك ، بل وتحارب وتعادي من يدعو إلى مجرد الإيمان بوجود الله
العلمانية غير الملحدة : وهي علمانية لا تنكر وجود الله ، وتؤمن به إيمانًا نظريًا
لكنها تنكر تدخل الدين في شؤون الدنيا ، وتنادي بعزل الدين عن الدنيا ،
( وهذه الصورة أشد خطرًا من الصورة السابقة ) من حيث الإضلال والتلبيس على عوام المسلمين ،
فعدم إنكارها لوجود الله ، وعدم ظهور محاربتها للتدين يغطي على أكثر عوام المسلمين حقيقة هذه الدعوة الكفرية ،
فلا يتبينون ما فيها من الكفر لقلة علمهم ومعرفتهم الصحيحة بالدين ،
ولذلك تجد أكثر الأنظمة الحاكمة اليوم في بلاد المسلمين أنظمة علمانية ، والكثرة الكاثرة والجمهور الأعظم من المسلمين لا يعرفون حقيقة ذلك