حسن البنا والمشروع الحضاري للأمة
المطالع لفكر الإخوان خصوصًا ما وضعه الإمام المؤسس في عدد من رسائله، يجد عرضًا واضحًا متكاملا لطريق النهضة، بما في ذلك النماذج العملية لهذا المشروع
والذى يتسم- كما يقول د. عبد الحميد الغزالي (في كتابه: المشروع الإسلامي لنهضة الأمة)- بسلاسة العرض، وسهولة الأسلوب، وتقديم الدليل الشرعي،
والتركيز على تربية الرجال، وإيثار الناحية العملية، والتدرج في الخطوات، والبعد عن مواطن الخلاف، والإيمان العميق بشمول الإسلام لكل مناحي الإصلاح إلى نهاية الزمان،
كذلك فهو فكرة وعقيدة، ونظام ومنهاج، لا يحدّه موضع، ولا يقيده جنس، ولا يقف دونه حاجز جغرافي، ولا ينتهي بأمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها؛ ذلك لأنه نظام رب العالمين، ومنهاج رسوله الأمين.
وقد وضع البنا يده على مظاهر أزمة الأمة، المتمثلة في
إصابتها في ناحيتها السياسية، بالاحتلال من جانب أعدائها، والحزبية والخصومة والفرقة والشتات من جانب أبنائها.
كذلك إصابتها في ناحيتها الاقتصادية، بانتشار الربا بين كل طبقاتها، واستيلاء الأجانب على مواردها وخيراتها.
وإصابتها الفكرية بالفوضى والمروق والإلحاد، يهدم عقائدها، ويحطم المثل العليا في نفوس أبنائها.
كذلك أيضا إصابتها الاجتماعية بالإباحية في عاداتها وأخلاقها، وبالتقليد الغربي الذي يسري في مناحي حياتها.
حسن البنا والمشروع الحضاري للأمة
كذلك يحدد الإمام البنا مستلزمات مشروع النهضة بقوله: “إن تكوين الأمم وتربية الشعوب وتحقيق الآمال ومناصرة المبادئ تحتاج من الأمة التي تحاول هذا، أو من الفئة التي تدعو إليه على الأقل، إلى قوة نفسية عظيمة تتمثل في عدة أمور: 1- إرادة قوية لا يتطرق إليها ضعف. 2- وفاء ثابت لا يعدو عليه تلوُّن ولا غدر. 3- تضحية عزيزة لا يحول دونها طمع ولا بخل. 4- معرفة بالمبدأ، وإيمان به، وتقدير له، يعصم من الخطأ فيه، أو الانحراف به عنه، أو المساومة عليه، أو الخديعة بغيره “رسالة إلى أي شيء ندعو الناس”.