خلق الله الإنسان .. ذو عقل وإرادة وفكر .. ووهب له وسائل للتواصل .. لكي يستطيع أن يشارك فكره مع الآخرين .. للوصول إلى أهداف معينة .. منها معرفة الحق .. وهي أعلى الأهداف .. وكذلك زيادة المعرفة .. بتبادل الخبرات والثقافات .. ومنها التعلم ..
والتحاور له وسائل كثيرة .. أهمها الحوار وخاصة الحوار المباشر .. وهو وسيلة من وسائل التواصل ..
فما هو الحوار ؟
يعرف الحوار لغة بأنه: النقاش أو الحديث الذي يجري بين شخصين أو أكثر، ويعرف اصطلاحا بأنه: محادثة بين شخصين أو فريقين حول موضوع محدد؛ لكل منهما وجهة نظر خاصة به ، هدفها الوصول إلى الحقيقة أو إلى أكبر قدر ممكن من توافق وجهات النظر، بعيدا عن الخصومة أو التعصب، بطريقة تعتمد على العلم والعقل، مع استعداد كلا الطرفين لقبول الحقيقة ولو ظهرت على يد الطرف الآخر.
أهمية الحوار:
أهمية الحوار في الحياة الشخصية والعملية
الحوار أهم ما يميز الإنسان عن باقي المخلوقات، فالحوار يحقق أمورا عدة، منها: التآلف بين الناس ونشر المحبة ، وبالحوار الفعال يتبادل أفراد المجتمع الأفكار والمعلومات، ويقيمونها، ويعيدون بناءها، مما يساهم في تطوير المجتمع والأفراد.
الحوار أسلوب فعال في التواصل بين أفراد الأسرة الواحدة، فعندما يكون الوالدان متحاورين جيدين مع الأولاد يستطيعون التحدث في أي قضية أو مشكلة مشتركة بينهم،ويستطيعون الوصول لحلول جيدة معهم وعدم وجود حوار فعال يعني حقيقة ناقصة، وعدالة مشوهة.
تبادل المعلومات والثقافات والخبرات بين الناس، فلا يمكن تعلم الخبرات وتبادلها إلا بالحوار، مما ينعكس إيجابيا على رقي المجتمعات وتقدمها .
أهمية الحوار في الحياة الزوجية :
يوصي مستشارين العلاقات الزوجية بتجنب الجدالات بين الزوجين؛ لأن الجدالات تدمر الحياة العاطفية بينهما، فعادة ما يتحول الخلاف إلى نقاش ثم يحتدم ليصبح جدالا يؤثر سلبا على نفسية كلا الطرفين، ولا يؤدي إلا إلى جرح مشاعر بعضهما البعض.
ويتم طرح في المقابل طريقة أخرى لحل الخلافات بين الزوجين تقوم على الحوار المتبادل، فبدلا من الجدال وجرح المشاعر يبنغي على كلا الطرفين أن يوضحا ما يريدان، وأن يعبرا عن مشاعرهما بهدوء؛ فالرجال والنساء مختلفون في طبيعتهم، والطريقة المثلى لتفادي الجدالات العنيفة هي الاتصال الودي القائم على الحوار والاحترام؛ لأنه مع غياب الاحترام سيشعر الطرف الآخر بالإهانة ، مما يغلق أي باب للتفاهم والحوار.
وفائدة الحوار في هذه الحالة هي فهم حقيقة المشاعر التي ينبني عليها الخلاف، ومن ثم تفهمها وتقبلها، ومحاولة الوصول إلى حل مشترك.
ويعد مستشارين العلاقات الزوجية أن هناك سلوكيات تدمر إمكانية الحوار ينبغي تجنبها، مثل:
المباشرة بالقتال والانتقام، أو الانسحاب من الجدل، مما يورث ندوبا دون فائدة؛ حيث ينبغي أن يتخذ الإنسان حلا وسطا بين الاثنين.
ومن أساسيات تجاوز المشاكل بين الزوجين الحوار والإنصات للطرف الآخر، ويذكر أن النساء بشكل خاص يحتجن إلى أن يتم الإنصات لهن من قبل أزواجهن، وذلك دون إقامة الحواجز بين الطرفين أو توجيه الأحكام المتسرعة، بل الحوار القائم على الاستماع والإنصات للطرف الآخر.
أهمية الحوار للعقل:
للحوار مكانة أساسية في تطوير معارف الإنسان ومداركه، وذلك من نواح متعددة منها أنه يفتح المدارك على الطرق المختلفة المؤدية إلى الحقيقة؛ فالطريق إلى الحقيقة ليس واحدا، بل هناك عدة طرق، وإذا حصر الإنسان نفسه في أفكاره فسيحرم نفسه من الطرق الأخرى التي تصل به إلى الحقيقة، والتي تستبين للإنسان بالحوار مع الآخرين، وتبادل المعرفة والأفكار.
الناحية الثانية: الحوار يردم فجوة الخلاف القائمة بين الأفكار، فمع تبادل الأفكار والحوار تتقلص الفجوة بين الطرفين المختلفين، بل قد يتطور ذلك إلى تبني أفكار الآخر المخالف، واستعمالها كأدلة جديدة لأفكار جديدة.
الناحية الثالثة: الحوار يساهم في تعميق أفكار الفرد ومداركه؛ فعقل الإنسان يتقلب ويتغير في إدراكه للأشياء، وهو ما لا يتم إلا بالتعرف على الأفكار الجديدة المخالفة.
العناصر الأساسية للحوار الفعال :
يمكن أن يكون الحوار سلبيا وفاشلا إذا كان مبنيا على طرح أفكار وأمور من طرف واحد، مع عدم احترام الطرف الآخر، واستخدام الألفاظ السيئة والتعبيرات الجسدية القاسية؛ ليتوقف عن كونه حوارا ويصبح جدالا أو صراعا، لا يؤدي إلا إلى تدمير العلاقات، وذلك على عكس الحوار الإيجابي الذي يهدف في الأساس إلى بناء العلاقات وتطويرها.
ويجب أن تتوفر عدة عناصر؛ ليكون الحوار إيجابيا فعالا بناء،
وهي كما يأتي:
احترام الآخر .
*أن تكون البيئة مناسبة للحوار.
* معرفة السبب الأساسي للتواصل مع الآخر.
* التواصل البصري مع الآخر.
* الانتباه إلى أي استجابات لفظية أو جسدية من الآخر.
*توفير وقت مناسب للإنصات الفعال.
*مناقشة الآخر والاهتمام بردود أفعاله؛ ليكون النقاش من طرفين.
*إدخال الدعابة والمتعة أثناء الحوار.
بالحوار تبنى المجتمعات بل الأمم ، وتبنى العلاقات كالأبنية صفا فوق صف يشد بعضها بعضا ، إذا توافرت عناصر الحوار الفعال ،وإذا ابتعدنا عن العقبات ،فإذا نجح الحوار تقدمت الأمم ، وتفاهمت المجتمعات ، وتآلفت وظهرت الحقيقة ،وتكاتف الجميع ليقام العدل ،ووصلنا للغاية العظمى بإرضاء المولى عز وجل .