المؤامرة علي الإسلام
يخطئ المجتمع العربي والإسلامي في كثير من الأحيان …عندما يُسَوِّغ إخفاقاته وأخطاءه بالتهويل.. من (نظرية المؤامرة) التي باتت لدى كثير من المجتمعات كابوساً مخيفاً،… أو شماعة يلقون عليها كافَّة الأعذار التي يرون أنَّها وحدها تحول بينهم وبين ما يتطلَّعون إليه… من اللحاق بركب التنمية والتجديد والتنوير بمفاهيمها الإسلاميَّة لا الليبراليَّة،… فيلجؤون لاتهام الغرب أو غير المسلمين بأنَّهم السبب الحقيقي لعدم تقدمهم.
قد يأتي هذا التبرير أحيانا من طبيعة النظريات الموجودة… لدى كثير من الناس متدينين وغير متدينين، فبعضهم يعتقد أنَّ كل شر أتى لهذه الأمة فهو بسبب الكفار والغربيين تحديداً، ..وكل خطأ يقع في بلادنا من نواح سياسيَّة أو اقتصادية فهو بسبب عدونا…، ويتناسون أنَّ هنالك الكثير من الأخطاء التي صنعناها بأيدينا ولكنَّنا عنها غافلون.
المؤامرة علي الإسلام
في البدء أود أن أنبِّه إلى أنَّ المبالغة الكبيرة في توسيع (نظرية المؤامرة) …وأنَّه ما من شر أتى على الأمَّة المسلمة إلاَّ بسبب مؤامرة من أعدائها عليها،… فإنَّ في هذا تسطيحاً للأمور…، ورؤية أحادية لها وهو مخالف للتفكير الموضوعي والعلمي.
لكنَّه لا يمكن أن هنالك ننفي بالفعل مؤامرة حقيقيَّة من أعداء الإسلام من غير المسلمين على المسلمين… سواء أكانوا شرقيين أو غربيين،… وسواء أكانوا كفَّاراً أصليين مرتدين أو منافقين… وهم خطر حقيقي لا يقل ضراوة عن خطر غير المسلمين؛… فإنَّهم لن يخلوا من أن تكون لديهم خطط أو مؤامرة أو طرق علنيَّة أو خفيَّة ضدَّ الملَّة والأمَّة الإسلاميَّة، بل إنَّ ذلك أمر لازم وحتمي، وهو ما يؤكده الدين الإسلامي بأنَّ هنالك صراعاً بين الحق والباطل، ويستحيل أن يكون الباطل يمشي بطرق عشوائيَّة في محاربته للدين الإسلامي والمجتمع المسلم دونما خطَّة أو أحابيل ومكائد، أو مؤامرة خفيَّة أو علنيَّة، فلنسمها ما شئنا..
المهم أن نعترف بذلك، لأنَّني رأيت بعض المفكرين أو المحللين الذين ينفون المؤامرة من أصلها، يعترفون من جهة أخرى بأنَّ هنالك خططاً ومراكز أبحاث تمد الغرب السياسي، أو أعداء المسلمين أجمعين بما ينوون تحقيقه في البلاد الإسلاميَّة.
المؤامرة علي الإسلام
إنَّ اصطحاب العقيدة الإسلاميَّة الصحيحة وما يؤسس لها من كتاب ربنا وسنّة نبينا، هي خير مخرج لتحليل كثير من الظواهر الاجتماعية والسياسيَّة والاقتصاديَّة، والجمع بين التحليل الشرعي والسياسي لا تنافي بينهما، ويستحيل أن تخالف حقائق الواقع مفهوم ومنطوق القرآن وما ثبت من صحيح السنَّة النبوية المطهَّرة.
وشواهد القرآن تبيِّن هذا أشدَّ بيان فالقرآن يبيَّن أعداء المؤمنين كانوا يتربصون بالفتية الذين آمنوا وفروا من طغيانهم، بل كان في معتقد الفتية أنَّ أولئك الكفَّار لديهم مؤامرة عليهم من خطَّتين، حيث قال هؤلاء الفتية عن أولك الطغاة الذين كانوا يحكمونهم (إنَّهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملَّتهم ولن تفلحوا إذا أبدا).