نحن أمــة مجـــاهدة
سم الله الرحمن الرحيم: “من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس.. سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله إلى الناس كافة ﴿لِينذِرَ مَن كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾1.. فأسلم تسلم!”.
بسم الله الرحمن الرحيم: من محمد عبد الله ورسوله إلى عظيم القبط! ومن محمد رسول الله إلى عظيم الحبشة! ومن محمد رسول الله إلى يهود خيبر! أيضا ومن محمد رسول الله إلى المقوقس عظيم مصر!
أسلم… تسلم!.
كما كان الفرسان وبكل عزّة وشموخ يدخلون على عظماء الملوك في الأرض، وهم يحملون رسالة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم إليهم: أسلم… تسلم!
أيضا وكانت الآية الكريمة التالية هي المنطلق لدعوة أكثرهم:﴿قلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مسْلِمُونَ﴾2.
وهكذا.. تحول الحفاة الفقراء، والمستضعفون الذين كانوا يقتاتون القدّ والورق، إلى رسل الحضارة الإسلامية إلى العالم.
كذلك أصبحت مكة.. تلك القرية المنسية في العالم إلى رائدة الحضارة، وعاصمة لحركة التحرر من كل أصقاع العالم.
كما امتدت الثورة الإسلامية وحضارتها الفتية تطهر الأرض، وتفتح البلاد وتدك الحصون والقلاع، وتزلزل عروش الجبابرة، وما يسمّون اليوم بالقوى العظمى الحاكمة على النظام الدولي.
أيضا وامتدت دولة الإسلام ـ في ظرف يقل عن مائة عام ـ من سيبيريا شمالاً إلى المحيط الهندي جنوباً، ومن الصين شرقاً إلى قلب فرنسا غرباً.
نحن أمــة مجـــاهدة
كذلك وامتد الإسلام… وامتد!
كما تحول المسلمون إلى قادة، وإلى قوة تهدد كيان الأنظمة الفاسدة.. أيضا بعد أن رفضوا حياة الذل والاستعباد، وأصبحوا الأمة المتماسكة، التي ارتشفت روح الإباء والعزة من الإسلام.
كذلك لقد كانت الأمة الإسلامية أمة عزيزة لا ترضى بالذل والهوان.. حيث أنزل الله تعالى آياته فيها:﴿كنتُمْ خَيْرَ أمَّةٍ أخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتؤْمِنُونَ بِاللّهِ﴾3.
كما يقول تعالى: ﴿وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾4.
أيضا ويقول عز وجل: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾5.
إذا والآن دعنا نتساءل: كيف نحن اليوم؟ هل لازلنا تلك الأمة الرائدة؟ هل نشعر بالعزة والكرامة؟ كيف هي بلادنا وأوضاعنا؟ هل نحن نحكمها ونتصرف في شؤونها؟ أمة عزيزة تقود الأمم؟ ومصداقاً لقوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شهَدَاء عَلَى النَّاسِ﴾6.
كذلك في صدر الإسلام وبالتحديد في السابع للسنة الثانية للهجرة، خاض المسلمون معركة بدر الكبرى مع المشركين، وكان عدد المسلمين حينذاك ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، وعدد المشركين تسعمائة وخمسين رجلاً، ولم يمتلك المسلمون حينها إلا فَرَسان وستة دروع ومع ذلك انتصر المسلمون على المشركين انتصاراً ساحقاً.