إن اجتهاد الفرد .. واستعداده ورغبته في تغيير نفسه .. ودعم قدراته .. وتلبية متطلبات الظروف العملية .. والمعيشية الخاصة به .. هو ما يطلق عليه تطوير الذات.
دائما ما يسعى الإنسان بصورة فطرية .. للوصول إلى طموحاته .. وأهدافه المتغيرة والمتنامية .. والتي تتغير دائما بتغير مراحله العمرية .. وحاجاته الفطرية .. والفكرية والاجتماعية.
يبني الإنسان الناجح أهدافه .. وفقا لقدراته الشخصية المتمثلة في المهارات .. والمواهب والمعارف .. وقد لا تتناسب طموحات الشخص وأهدافه .. مع إمكانياته الذاتية .. فيتحتم عليه في تلك الحالة .. أن يواجه أحد الاحتمالين: إما أن يتراجع عن أهدافه .. وينسحب ليعلن هزيمته .. وفشله في تحقيق طموحاته .. والوصول لأهدافه .. أو يشحذ همته في سبيل تحقيق أحلامه .. مما يستوجب معرفة ما يملك من قدرات وإمكانيات .. وتطويرها بما يتلاءم مع المستوى الذي يطمح أن يصل إليه .
معنى تطوير الذات
تشير كلمة تطوير في معناها اللغوي إلى التعديل، والتحسين، أما مفهوم تطوير الذات فهو عبارة عن نظام تنموي يرتكز على تحسين مهارات الذات وسلوكياتها عبر مجموعة من العمليات المستمرة لشخصية الفرد، والتي تتضمن اكتساب المعلومات والمعارف والمهارات والقيم والسلوكيات الداعمة للشخص والمنظمة لقدراته وإمكاناته، وذلك ليصبح قادرا على تحقيق أهدافه، والتعامل المرن مع المعوقات والعقبات التي قد تواجهه أثناء سعيه في تحقيق أهدافه.
أهمية تطوير الذات:
أهمية تطوير الذات تكمن في اكتساب الشخص توسعة لمداركه، وزيادة قدراته الناتج عن سعيه المستمر لتطوير مهاراته، وسلوكياته، ومعارفه، حيث يتعود على إعمال عقله بشكل مستمر؛ فتتكون لديه قدرات البحث، والاستنباط، والقدرة على التعامل مع الأزمات.
كما يكتسب شعورا بالرضا النفسي والسلام الداخلي فالسعي في طريق تطوير الذات يمنح الشعور بالسعادة حيث أن فطرة الإنسان تطلب الإنجاز والنجاح وتكره الفشل.
كيفية تطوير الذات:
بينما يتفق الناس أو أغلبهم في أهمية تطوير الذات وأنه ضرورة في حياة الإنسان إلا أنهم يختلفون في كيفية حدوث هذا التطوير وفي الأسلوب الذي يتم به، ولكن على من يريد التطوير لابد وأن يجعله منهجيا، وعلميا، ومنظما ليحقق الغاية المرجوة منه، ويمكن تطوير الذات بأساليب متنوعة نستعرض منها أسلوب متكامل في هذا المقال على النحو التالي:
منظومة القيم والمبادئ:
يجب أن تكون المبادئ والقيم هي نقطة الارتكاز التي تنطلق منها كل عمليات التغيير والتطوير، فهي صمام الأمان الذي يحفظ على الإنسان توجهه ويرسم له خريطته وطريقه.
الجانب الإيماني والروحاني:
إن اتصال العبد بإيمانه ينعكس عليه في كل جوانب حياته، وتهذيب للنفس، وإعانة على الصبر والتخلق بكريم الأخلاق وأطيبها، وهو المعزز للعمل والديمومة والتميز.
تحديد الأهداف:
قبل الانطلاق في طريق التطوير يجب أن يعرف الشخص غايته ويحدد وجهته، فتطوير الذات يعني الوصول للأهداف المحددة والواضحة، فالمرء إن عرف هدفه وغايته ونقطة الوصول التي يسير من أجلها أتقن التخطيط، والتنظيم، وحقق النجاح والتطوير، وشكل المستقبل بما يراه ويرضاه .
ترتيب الأولويات:
ترتيب الأولويات كتحديد الأهداف أمر في غاية الأهمية، وهي بمثابة جدول أعمال تضاف إليه المهمات تبعا لأهميتها، فإذا رتبت المهام بالأولوية كان الإنجاز عظيما، والسعي في تحقيق وتطويرها سليما ومجزيا، أما العشوائية في إنجاز المهمات يؤدي إلى خلل في النتيجة.
اكتساب العلوم والمعارف:
العلم هو أهم ركيزة في إنجاز الأعمال وتطويرها، والتطوير القائم على العلم يعود بالنفع على صاحبه في جميع الأحوال، ويؤدي العلم إلى التحسين في كل جوانب الشخصية، ومهاراتها، وسلوكها.
التفكير الإيجابي:
تطوير الذات يحتاج إلى التزود بالمهارات الأساسية من عمليات التفكير، ويعتبر التفكير الإيجابي عملية أساسية ملازمة للتطوير والتحسين، إذ يكتسب الإنسان الإيجابي سمات تساعده على المضي قدما في دروب التطوير، وذلك عبر استشراف الأمور الإيجابية، والإبداع في حل المشكلات، والابتكار في وضع الخطط والأهداف، فالتفكير الإيجابي غذاء العقل وطاقته، وينعكس التفكير الإيجابي على سلوكيات الفرد ومهاراته، إذ لا يعرف الإيجابي طريقا مسدودا، فالخيارات أمامه مفتوحة، والبدائل بجعبته كثيرة متعددة لا تنضب أبدا.
الثقة بالنفس:
النجاح الحقيقي يبدأ من احترام الذات، وتقديرها، والثقة بإمكاناتها، وقدراتها، وتبرز أهمية الثقة بالنفس في إقدام المرء وتقدمه، واعتزازه بنفسه وبقدراته ومهاراته وأدائه، ويكتسب الواثق بنفسه معارف جديدة ونضجا مميزا ينعكس على جودة الأداء وإتقان الأعمال، وتشعل الثقة بالنفس عزيمة المرء، وتعزز حيويته، وحبه لعمله ووظيفته واختصاصه وشخصيته.
المثابرة والتركيز:
فأكثر ما يمنع الإنسان من تطوير ذاته ويحرمه لذة النجاح والإنجاز هو التسويف، ومن أراد الوصول إلى ما يتمناه فعليه بالسعي، والعمل، وتركيز الجهود نحو أهدافه دون تخبط أو تشتت، والإنجاز لا يتحصل دفعة واحدة، وإنما يأتي بمواظبة مرحلية تتحقق فيها مكتسبات أولية تستلزم المثابرة والسعي لإكمال البناء، وتحقيق النجاح الكلي عبر الخطط المرسومة، والتركيز على الأهداف المنشودة.
ومن هذا فإن تطوير الذات هو مطلب للنفس السوية ذات الفطرة السليمة ، وقد عرفنا في هذا المقال أهمية تطوير الذات، وكيفية هذا التطوير، لكي نصل لنفس تستطيع التفكير بطرق سليمة، علنا نستطيع خدمة البشرية، ورضى المولى عزوجل .