لماذا اغتــالوا البنا
لم يكن اغتيال الإمام الشهيد حسن البنا ..مساء السبت 12 فبراير 1949م،.. بتحريض سافر من الإنجليز إلى القصر.. وحكومة محمود فهمي النقراشي..إلا من أجل تحقيق هدف واحد.. هو القضاء على روح الدعوة ..التي أضاءت كل أرجاء مصر.. وتهميش الهوية الإسلامية المتصاعدة ..بصعود جماعة الإخوان التي أسسها الإمام الشهيد.. بمدينة الإسماعيلية سنة 1928م.
كذلك لم يكن قتله عدوانًا على شخصه،.. بقدر ما كان محاولة لقتل المشروع ..الذي يحمله، والذي نذر حياته له – وهو إعادة مجد الإسلام ودولته وحضارته،.. في صياغته الفكرية التجديدية الوسطية المعتدلة،.. كذلك وفي إطاره الحركي بتأسيسه.. جماعة الإخوان المسلمين- ومحاولة لمصادرة حق شعوبنا ..في اختيار المنهج الرباني الذي تراه سبيلها للانعتاق.. من التخلف والتبعية،.. ومن الاستبداد والفساد.. والانطلاق لاستعادة مكانتها التي أرادها الله لها.
لماذا اغتــالوا البنا
كذلك اغتيال الإمام الشهيد جاء بعد اجتماع سفراء الدول الاستعمارية ..في فايد في نوفمبر 1948م ..ليتخذوا قرارهم بالسعي لحل جماعة الإخوان المسلمين،.. ولم يتأخر وكلاء الاستعمار من الساسة الخانعين عن التنفيذ،.. فصدر قرار حل الجماعة، ومصادرة مؤسساتها وممتلكاتها، وحظر جميع نشاطاتها، في 8 ديسمبر 1948م.
ثم وبعد إطلاق الرصاص على الإمام الشهيد أمام جمعية الشبان المسلمين بشارع رمسيس، لم تكن إصابة البنا خطيرة، بل كانت إصابة صهره الأستاذ عبدالكريم منصور أكثر خطورة؛ لدرجة أن الإمام الشهيد لاحق من أطلق عليه الرصاص نحو مائة متر من أجل الإمساك به ثم عاد وحمل الأستاذ عبدالكريم إلى المستشفى وهناك جاء مندوب من قصر الملك مذهولا من عدم إتمام جريمة القتل، ثم حيل بين البنا ومنصور حتى ترك البنا ينزف حتى الموت وربما ارتكبوا جريمة أخرى بعدما تيقنوا من أن حالته الصحية جيدة وأن الرصاصات التي اخترقت جسده لا تكفي لقتله.
كذلك ثم بعد الإعلان عن استشهاده، صاح الزعيم المغربي الأمير عبد الكريم الخطابي قائلاً: ” ويح مصر وإخوتي أهل مصر مما يستقبلون جرّاء ما اقترفوا، فقد سفكوا دم وليّ من أولياء الله!! ترى أين يكون الأولياء إن لم يكن منهم، بل في غُرَّتهم حسن البنا الذي لم يكن في المسلمين مثله!”. في إشارة إلى المجرمين من الاحتلال الإنجليزي والطغاة في قصر الملك فاروق وحكومة النقراشي.
لماذا اغتــالوا البنا
كما ان بعد الجريمة، قال شيخ الجامع الأزهر الشيخ محمد مصطفى المراغي حين وصف الإمام بأنه “رجل مسلم غيور على دينه، يفهم الوسط الذي يعيش فيه.. كذلك ويعرف مواضع الداء في جسم الأمة الإسلامية، ويفقه أسرار الإسلام”، وقال الشيخ حسنين مخلوف، مفتي الديار المصرية في الأربعينيات عنه إنه “من أعظم الشخصيات الإسلامية في هذا العصر، بل هو الزعيم الإسلامي الذي جاهد في الله حق الجهاد،.. أيضا واتخذ لدعوة الحق منهاجًا صالحًا وسبيلاً واضحًا استمده من القرآن والسنة النبوية ومن روح التشريع الإسلامي، وقام بتنفيذه بحكمةٍ وسدادٍ وصبرٍ وعزم…”.
كذلك وما زال المشروع الفكري لحسن البنا يمثل الأمل لملايين المسلمين الذين آمنوا به وحملوه، على امتداد العالم.. أيضا وما أتيحت للأمة حرية الاختيار – كما حدث في ثورات الربيع العربي- إلا اختارت نهج الإسلام، واصطفت خلف رجاله.. كذلك وما تمكن أعداؤهم منهم إلا بالقمع والانقلابات العسكرية واستدعاء الاستعمار الجديد والقديم في صوره الكالحة.