في ذكري الهجرة حان وقت التغيير
التاريخ الإسلامي يزخر بكثير من الأحداث التي حددت كثيرا من مفاصله – مثل ذكرى الهجرة النبوية – وشكلت مع مرور الزمن شكل العالم الإسلامي وحددت له معالم حياته في شتى المجالات.
كذلك فالعالم الإسلامي قد أصبح اليوم يرثى لحاله ..بعد ترهل قواه الاجتماعية بفعل كثير من العوامل الذاتية والخارجية.. التي أضعفته وأخرته إلى آخر الركب…. وبفعل هذا الترهل تحولت الحوادث التاريخية إلى طقوس احتفالية… تستدعى الأحداث كقصص سردية وتغيب الرمزية والعبرة ..كمقصد تاريخي واجتماعي، …هكذا وأصبحت الحوادث التاريخية مكانا لتوزيع الحلوى …ومحاولة استرجاع هيبة الماضي دون محاولة لاستدعاء أسباب الهيبة والظفر.
إن الهجرة الحقيقية بدأت مشوراها في داخل النفوس المسلمة… لحظة النطق بالشهادتين،… حيث كانت الشهادتين تستلزم أمورا أكبر من مجرد النطق تبدأ من التبرؤ من الباطل والانصياع للحق،… وترك الولاء للقبيلة والأشخاص الذين هم في الحقيقة الشق الأصعب من سلسلة الأصنام التي أعلن الإسلام حربه عليها.
المعنى اللفظي للهجرة يحوم ويقترب من معنى الترك…. والترك يتناول الجانيين المادي والمعنوي.. فإن كانت الهجرة التاريخية تناولت المعنى المادي المكاني بترك مكة والانتقال إلى المدينة فإن المعول عليه قبل ذلك كله هو في قبول المسلم لترك كل ما خالف الحقيقة ووقف في وجه الحق الذي تمثل في تعاليم الإسلام.
في ذكري الهجرة حان وقت التغيير
الهجرة المطلوبة في زمننا قد بينها النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: “لا هجرة بعد الفتح “أي لا هجرة مكانية، “ولكن جهاد ونية” فالهجرة المرادة تقترب من معنى التغيير الذي أصبح حلما يراود كثيرا من الشعوب، فالتغيير يسلتزم ثلاثة أمور..مُغَيِّر، ومتغير عنه، ومتغير إليه، كذلك الهجرة تستلزم مهاجرا، ومهاجَرَا منها، ومهاجرا إليها، وبدون هذه الأمور الثلاثة لا تتحق معاني الهجرة في حياتنا ولا تستقيم أمور الاحتفال بذكرى الهجرة دون أن نحدد قائمة الصفات والسلوكيات التي يتحتم علينا – كمريدين للهجرة والتغيير – أن نهجرها إلى قائمة من الصفات والسلوكيات التي يتوجب علينا أن نقيم على أسسها دولة الحق والعدل.
إن الله قد جعل التاريخ وقصصه عبرة للناس يسترجعون من خلال سرديته الدروس التي تمثل سنن الله في الكون.. وفي المجتمعات.. وفي الأفراد.
الهجرة وحتمية التغيير