ذكري الهجرة النبوية الشريفة
يمر علينا خلال هذه الأيام حدث غير مجرى تاريخ البشرية، بل واعتبر تأريخا للأمة الإسلامية والعربية.
فالهجرة النبوية لم تكن حدثاً عاديا مر به النبي وأصحابه، بل كان تأسيساً لبناء دولة الإسلام الأولى في المدينة.
كما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم كما هاجر الأنبياء قبله، تلبية لأمر ربهم في سبيل دعوتهم.
إذا “ما أشبه الليلة البارحة”.. فالهجرة كتبها الله على أصحاب الدعوات اليوم كما كانت مكتوبة على الأنبياء من قبل.
ولأجل مكانة الهجرة في الإسلام! جعلها عمر بن الخطاب تأريخاً لدولة الإسلام، مخالفا بذلك تأريخ الفرس والروم.
لما أرسل أبي موسى الأشعري للخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستفسر منه عن الكتب التي تصل مؤرخة بالأشهر دون ذكر السنوات، وهو ما من شأنه أن يحدث خلطا بين الرسائل.
فجمع عمر الصحابة للبحث عن حل هذا الإشكال، وخلصت مداولات الصحابة إلى إقرار تاريخ الهجرة النبوية الشريفة، بوصفها حدثا مهما في تاريخ الدولة الإسلامية، وفي ذلك قال عمر رضي الله عنه إن “الهجرة فرقت بين الحق والباطل، فأرّخوا بها
التخطيط الإستراتيجي في الهجرة
لقد كان التخطيط الإستراتيجي واضحًا في فكر النبي صلى الله عليه وسلم وهو يترسم خطاه وسط الأمواج العاتية في جزيرة العرب، وملامح هذا التخطيط الإستراتيجي، هي
1- تحديد الرسالة
كان الهدف واضحا، وهو الحصول على بقعة أرض يُقام فيها مجتمع وتؤسس فيها دولة، وتنطلق منها الدعوة إلى الآفاق، وكانت العقبة الكئود أمام تحقيق هذا الأمر هو عناد واستكبار مشركي قريش وصدهم عن سبيل الله
ذكري الهجرة النبوية الشريفة
2- تقييم البيئة المحيطة
كانت البيئة في مكة لا تصلح لإتمام هذا الأمر؛ فمقاومة المشركين للإسلام تزداد شراسة يوما بعد يوم،
ايضا وقلوبهم كالحجارة بل أشد قسوة؛ فهل تغنِي مخاطبة الحجارة؟!
3- استعراض الموارد
أيضا وكان الرسول صلى الله عليه وسلم في الوقت الذي يبحث فيه عن مكان آخر يدرك أن في قريش من الإمكانات ما ينبغي الاستفادة منه لخدمة الدعوة، وهو يريد أن يدخر هذه الإمكانات والطاقات للمستقبل؛ لذلك عندما جاءه جبريل ومعه ملك الجبال -بعد خروجه من الطائف– يستأمره في أن يطبق على أهل مكة الأخشبين، قال: “بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله عز وجل وحده لا يشرك به شيئا”
4- طرح البدائل وتحديد الخيار
كذلك لقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعرف ما الإسلام، وماذا يريد، ويدرك البيئة والصعوبات المحيطة به، ويطرح البدائل في ضوء الرؤية الإستراتيجية الواضحة. إما المكوث بمكة وهو يعني النفخ في قِربة مثقوبة، وإما الخروج للبحث عن مكان جديد،
5- التدرج في الخطوات
إذا لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعجل خطواته، ولا يقطف الثمرة قبل أوانها؛ فقد كان القوم يلاقون الأهوال من بطش قريش، ومع هذا لم يأذن الرسول صلى الله عليه وسلم لهم بحمل السلاح؛ فهو يعلم أنه إن رفع سلاحًا فإن المشركين سيجتثون المسلمين عن بكرة أبيهم.
إذا في ذكرى الهجرة النبوية الشريفة “ما أشبه الليلة بالبارحة”
كما نستضيف الشيخ عبد الخالق الشريف – رئيس أكاديمية الشريف للعلوم الشرعية
ذكرى الهجرة النبوية الشريفة
في ذكرى الهجرة النبوية الشريفة “ما أشبه الليلة بالبارحة”
الشيخ عبد الخالق الشريف – رئيس أكاديمية الشريف للعلوم الشرعية