الإخوان وفلسطين
علاقة جماعة الإخوان المسلمين بالقضية الفلسطينية
يربط الإخوان المسلمون الفلسطينيون انطلاق عملهم المقاوم بانطلاقة حماس 1987، إذ يعدون أنفسهم امتداداً للتيار الإسلامي المقاوم الذي كان حاضراً وقوياً منذ نهاية الدولة العثمانية وبداية الاحتلال البريطاني لفلسطين أواخر سنة 1918.
وذلك ابتداءً بجمعية الفدائية التي نشأت مع أوائل 1919 وكان يقف خلفها عدد من العلماء (خصوصاً الحاج أمين الحسيني، والشيخ حسن أبو السعود، والشيخ محمد يوسف العلمي)؛ ومروراً بتنظيم “الجهادية”
أيضا والذي أنشأه الشيخ الشهيد عز الدين القسام؛ وليس انتهاء بحركة “الجهاد المقدس” التي نشأت سنة 1934 بقيادة الشهيد عبد القادر الحسيني.
حركة حماس هي امتداد لجماعة الإخوان المسلمين التي نشأت في فلسطين منذ أوائل أربعينيات القرن العشرين.
أيضا والتي وصلت فروعها إلى نحو 25 فرعاً قبيل حرب 1948. وقد شارك الإخوان الفلسطينيون بقوة في هذه الحرب،
وكانت لهم أدوار مشهودة في يافا والقدس وغزة… وغيرها. فاكتسبوا شعبية كبيرة واحتراماً في أوساط الشعب الفلسطيني
في قطاع غزة -الذي وُضع تحت الإدارة المصرية بعد حرب 1948- أعاد الإخوان الفلسطينيون ترتيب أنفسهم، وانتشرت فروعهم في معظم مناطق القطاع.
كذلك وتولى قيادتهم مكتب إداري برئاسة الشيخ عمر صوان. وتمكنوا من أن يكونوا التنظيم الأكثر شعبية ونشاطاً،
ذلك إلى أن قام النظام المصري برئاسة جمال عبد الناصر بضرب الإخوان المسلمين سنة 1954، مما ألجأهم للعمل السري.
وخلال الفترة 1952-1954 أنشأ إخوان غزة تنظيماً عسكرياً سرياً (تنظيم خاص)،
كذلك اتصلت خيوطه بكامل الشريف (أحد أبرز قادة الإخوان المصريين في حرب 1948)
الذي كان مقيماً بمنطقة العريش في سيناء. وكان هذا التنظيم في غزة وشمال القطاع بقيادة أبو جهاد خليل الوزير،
ويقود خان يونس والمنطقة الوسطى أبو أسامة خيري الأغا (الذي سيصبح مراقباً عاماً للإخوان الفلسطينيين ثم أول رئيس لحركة حماس)،
كذلك ويقود رفح ومنطقة الجنوب محمد يوسف النجار. أما صلة الوصل بين هؤلاء وكامل الشريف فكان محمد أبو سيدو.
الإخوان وفلسطين
ومع تعرض الإخوان لحملة مطاردة شرسة وتشويه أسود من نظام عبد الناصر، اضطر الإخوان إلى الانكفاء على الذات. غير أن العديد من عناصرهم المتوثبة للعمل المقاوم
والذي سعت لإنشاء إطار وطني (ليس له هوية إسلامية فاقعة) حتى يتجنب مطاردة النظام المصري والأنظمة المعادية للإسلاميين؛
فقدم خليل الوزير مشروعاً بذلك لقيادة إخوان القطاع 1957، لكنه لم يلق تجاوباً منهم بسبب الظروف الصعبة التي يعانون منها.
كما اجتهد خليل الوزير -بالاشتراك مع ياسر عرفات (الذي كان مُقرباً من الإخوان)-
ذلك في إنشاء هذا الإطار الذي أصبح يعرف بـ”حركة تحرير فلسطين” (فتح). وانضم إليهم عدد من أنشط وأكفأ شباب الإخوان؛
أمثال رياض الزعنون وسليم الزعنون ومحمد يوسف النجار وعبد الفتاح حمود ويوسف عميرة وكمال عدوان وصلاح خلف وسليمان حمد ورفيق النتشة… وغيرهم.
أعاد الإخوان في قطاع غزة ترتيب أوضاعهم بشكل سري تحت قيادة شابة أبرز عناصرها عبد الله أبو عزة وعبد البديع صابر.
أيضا وفي صيف سنة 1962 رتبوا اجتماعاً حضره 15 مندوباً في مواصي عيد الأغا بمنطقة خان يونس؛
كذلك وقرروا إنشاء تنظيم “الإخوان الفلسطينيون”، وانتخبوا هاني بسيسو رئيساً لهم (مراقباً عاماً).
وفي الجامعات المصرية برز التيار الإسلامي الفلسطيني، وكان من أبرز رموزه موسى أبو مرزوق وبشير نافع وفتحي الشقاقي وعبد العزيز عودة…
أيضا وكان ثمة ضغط شديد بين الكوادر الإخوانية في مصر تجاه العمل الجهادي، وشكلت الثورة الإيرانية 1979 حافزاً دافعاً في هذا المجال،
ذلك مما دفع فتحي الشقاقي للخروج عن الإخوان مع عدد من رفاقه وتأسيس حركة الجهاد الإسلامي سنة 1980.
الإخوان وفلسطين
أيضا وفي مارس/آذار 1983 قدم خالد مشعل ليوسف العظم -عندما زار الكويت-
مشروعاً لإقامة مؤتمر داخلي لفلسطين يبحث في توحيد الفهم وأسس ومنطلقات ووسائل العمل لفلسطين، وفي إطلاق برامج العمل المتعلقة بها.
كما عُقد هذا المؤتمر بالأردن في 20 و21 أكتوبر/تشرين الأول 1983 بحضور ممثلين عن مناطق التنظيم المختلفة، بما في ذلك قطاع غزة. وانصبت قراراته -التي جاءت في عشر صفحات-
على تأكيد أن العمل لقضية فلسطين ومشروع التحرير لا يتناقض مع مشروع إقامة الدولة الإسلامية،
كذلك وأنهما خطان متوازيان يسيران جنباً إلى جنب ويكمل بعضهما بعضاً.
في صيف 1985، اتخذت قيادة الإخوان المعنية بمتابعة العمل لفلسطين قراراً باستغلال أي أحداث للاشتراك في المواجهة ضد الاحتلال.
كما وأعطت قيادة العمل في الخارج لقيادة الداخل صلاحية اختيار التوقيت المناسب لإطلاق العمل الإخواني المقاوم،
أيضا فبدأ يزداد التفاعل، حيث استشهد اثنان من شباب الإخوان في المواجهات التي شهدتها جامعة بيرزيت سنة 1986.
بداية الإنتفاضة
وعندما وقعت حادثة دهس أربعة من العمال الفلسطينيين في 8 ديسمبر/كانون الأول 1987،
إذ اجتمعت قيادة الإخوان في قطاع غزة ليلتها بحضور الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وعبد الفتاح دخان…،
كذلك وقررت إطلاق المواجهات في مختلف مناطق القطاع؛ وهو ما بدأ فعلاً بعد صلاة فجر 9 ديسمبر/كانون الأول 1987 عندما خرجت المظاهرات من مخيم جباليا.
وكان اثنان من تيار الإخوان هما أول شهيدين دشّنا بدء الانتفاضة المباركة في فلسطين،
وهما حاتم أبو سيس ورائد شحادة. وفي 14 ديسمبر/كانون الأول 1987 أصدرت حركة المقاومة الإسلامية بيانها الأول.
كذلك وفي اجتماع المكتب الإداري يوم 10 يناير/كانون الثاني 1988 في بيت حسن القيق بالقدس، اتخِذ قرار تأكيد استمرار الانتفاضة ونشرها في جميع المدن والقرى والمخيمات.
أيضا أما اختصار اسم حركة المقاومة الإسلامية إلى “حماس”، فكان باقتراح من حسن القيق وفي بيته أيضاً.
وبذلك ظهرت حماس التي أصدرت ميثاقها في 19 أغسطس/آب 1988. وتابع جهاز فلسطين هذا العمل، وظهرت كتائب القسام في مايو/أيار 1990 لتحل مكان “المجاهدون الفلسطينيون”.
كما عقدت حماس أول مجلس شورى لها في أغسطس/آب 1991، حيث انتخِب الشيخ عمر الأشقر رئيساً له.