سيكلوجية الطواغيت
قد ينظر الكثيرون إلى أن ثورة كثيرة من الشعوب من أجل حريتها وكرامتها قد جلبت الخراب للبلدان وهذا عين الخطأ والمغالطة. إنَّ الثورة إذا ما قامت على أساسٍ صحيح ثم أتبعَت بسير قويمٍ بعدهـــا من احترام للحقوق والحريات وليس الاستيلاء على المناصب وتحقيق للمـــآرب، فهي ثورة صحيحة سليمة ناجحة رغم أنها ستدفع ضريبة السكوت عن من؟
إن الطغاة على مر التاريخ هم من جلب الخراب لكل بلد، فما من مكان إلا وعثرت فيه خطوة طاغية إلا وحلَّ الخراب عليه وعلى من سكتوا عنه وصنعوه بتمجيدهم الأخرق. وإذا ما تتبعنا تاريخنا وجدنا أنَّ حكم الاستبداد هو من جلب الخراب والفساد وتوقدت منه نيران الفتن والمحن، التي عصفت بكثير من الدول والحضارات، فمثلا جايوس تولى حكم روما منذ العام 37 إلى 41 م.
ولد في أنتيوم وتربى ونشأ في بيت ملكي وتمت تربيته بين العسكر إعداداً له للحكم وأطلقوا عليه اسم “ كاليجولا ” ومعناه الحذاء الروماني سخرية منه في صغره، إذ فعل من الكوراث ما يحيرُ فيه صاحب اللب فعندما رأى أن فترة حكمه تخلو من المجاعات والأمراض والأوبئة، وخشى أن لا تتذكروه القرون القادمات فقام بإغلاق مخازن الغلال مستمتعاً بأنه يستطيع أن يجعل كارثة تحل بروما ويجعلها تقف أيضاً بأمر منه، فمكث يستلذ برؤية أهل روما يتعذبون بالجوع وهو يغلق مخازن الغلال إلى أن قتل.
سيكلوجية الطواغيت
مثله مثل أبو طاهر القرمطي وما قام به من نهب للقوافل والتجار والحجاج الفارسيين في الطريق إلى مكة، وفي سنة 930م أدركته “هبلة” فهجم مكة ونهبها ودنس معظم المواقع المقدسة فيها.
و” فلاد الثالث ” الذي اشتُهر بلقب دراكولا، وهو واحد من أبناء عدة لفلاد الثاني دراكول العضو البارز في تنظيم التنين -وهو التنظيم السري الذي أسسه الإمبراطور الروماني المقدس “زيغموند” بالتعاون مع باقي ملوك وأمراء أوروبا لحماية المسيحية في أوروبا الشرقية من المد العثماني- فيحكي التاريخ عنه أنه كان يأكل وجبته وهو يتفرج على مشهد خزق ضحاياه مستمتعاً وكأنه يشاهد فيلما سينمائياً.
ذاع صيته متخطياً حدود إمارته ليصل .. حتى الإمبراطورية الرومانية المقدسة غرباً ودوقية موسكو شرقاً.. ثم سرعان ما انتشرت .. أيضا في شتى أرجاء القارة الأوروبية.. ويقدّر عدد ضحاياه بعشرات الآلاف.. كما مثّلت شخصية فلاد الثالث النواة .. التي نسج حولها الروائي الإنجليزي”برام ستوكر” .. شخصية كونت دراكولا مصاص الدماء الأشهر.. في روايته الصادرة عام 1897.. أيضا تحت عنوان دراكولا.
وإذا تحدثت عن المعاصرين .. أيضا فلا نهاية.. ولكم في بشار الأسد .. وما هو ببشار ولا بأسد .. حكاية تكل عن روايتها الألسن والأعين.. وويل لظالم من يوم المظالم.
آه، قد تعبت وأنا اكتب عن لمحات.. أيضا من مواقف الطواغيت.. حتى خشيت أن تطغى أناملي فتزيد.. إن خلاصة قولي أن الاستبداد .. أيضا هو الذي يؤدي إلى الفساد والخراب.. ولو أقيم العدل المنشـــود لتنعمت الأوطان.. كذلك في خير وسلام .. ولكن لما طغى قانون الغاب.. أيضا فصار القوي يأكل الضعيف.
كما صدق فينا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم.. :” إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ، تَرَكُوهُ.. وَإِذَا سَرَقَ فِيهِم الضَّعِيفُ، أَقَاموا عَلَيْهِ الْحَدَّ “.. أقم العدل تقام الحضارة .. نقطة وارجع للسطر.