رابعة لن تنسي
ما إن تتخطى الحاجز الفاصل لتدخل إلي رابعة حتى تشعر أنك انتقلت من عالَمِ الأرض إلى عالَم آخرَ هو عالَمُ السماء.
أيضا انتقلت إلى عالَم طالما بحث عنه الفلاسفة في مدنهم الفاضلة التي تخيلوها في أذهانهم،
أو سجلوا ما تخيلوه في كتبهم، في عالَم ارتقت فيه أخلاق المعتصمين جميعا،
كذلك طاولت في رقيها عنان السماء، وجاوزت بسموها اهتمامات أهل الأرض.
إذا في هذا العالم تساوى الجميع،
حيث لا تكاد تعرف الفرق بين غني وفقير، ولا وزير وغفير، فالجميع ينام في خيمة واحدة بجوار بعضهم البعض،
أيضا الجميع يحرص على خدمة الجميع، والجميع يتواضع للجميع…. يتحلقون حول بعضهم،
وما إن يبدأ التعارف حتى تجد الخبير المختص بجوار الفلاح، بجوار البقال والمعلم والطالب والأستاذ الجامعي وعامل المصنع، وبائع الرصيف…..
الصغير والكبير…. الرجل والشيخ…. الشاب والطفل……….. يأخذك العجب!!!…… كيف اجتمع هؤلاء؟
وكيف زالت الفوارق بينهم؟! ومن جمعهم؟! وما تلك الألفة بينهم كأنهم يعرفون بعضهم البعض منذ سنوات طوال؟!.
رابعة لن تنسي
تجد الفلاح الريفي البسيط… بجلبابه المعروف ذي الأكمام الواسعة، والعمامة البيضاء على رأسه، يقود مسيرة صغيرة تجوب خيام المعتصمين، يردد فيها بقوة عبارات تحثهم على الصمود، وعدم الرجوع إلا بعودة السيد الرئيس والدستور والمجالس النيابية المنتخبة!!!
في اعتصام رابعة، ترى لأول مرة في حياتك المرأة الريفية البسيطة بزيها الريفي التقليدي، تجلس في خيمتها مع النساء من مختلف الأعمار والطبقات، وتردد بقوة شعارات ضد الانقلاب، وتطالب بعودة الشرعية…… منذ متى وهذه المرأة تهتم بمثل هذه المطالب؟!