دين الخرافة
“رسالةيرسلها البعض إلى أربعين شخصًا تسمع بعدها خبرًا جميلًا.. ورسالة أخرى إن لم ترسلها إلى عشرة ستغضب عليك ملائكة السماء، كلمات إن لم تحفظها فستصبح مسخًا، ..وصورة إن لم تصدق معجزة الفوتوشوب ..فيها فأنت مسكون من الشيطان..
حتى أن هناك قبرًا إن لم تقبّله لن تُوفَّق!”.. هذه ليست مؤامراتٍ ماسونية ولا مخططات صهيونية،.. هذه خرافات يصدقها عقلٌ ومجتمع بسيط! أهذا ما يحتاجه إسلام اليوم من نضال!؟
إسلام اليوم الذي يسجن الظالم فيه عالم وينّصب فيه جاهل؟ ..إسلام اليوم الذي يواجه حرباً موحدّة؟.. أيحتاج إسلامنا عقلاً باهتاً يصدق كل ما يسمعه ويُنتقل من حيٍ إلى مدينة في عالم الجهل والخرافة؟
كذلك قد يعود السبب في تصديق الناس لهذه الخرافات هو عقيدة التوريث المبنية على وراثة الخرافة أباً عن جد،.. وتخويفاً أيضاً من لعنة التفكير، كما في قوله تعالى: “وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۚ أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَىٰ عَذَابِ السَّعِيرِ“، كما أن الترويج الإعلامي في وقتنا الحالي حول هذه العقيدة إلى وراثة تواصلية من صفحة إلكترونية إلى أخرى؛ ..فصار سهلا على المرء أن تتوه خطاه، فالتائهين والمشتتين كُثر! كما أن حالة الخوف والقلق التي يعيشها الإنسان قد تدفعه للانخراط في تيار وهمي، فقد يدفعه يأسه لتجربة جميع الطرق التي قد تنقذه، فجميع مراجعي الدجّالين يعانون من مشكلة الخوف؛ خوفٌ من فقدٍ أو فشلٍ أو تعثُّر! وقد يحاولون جاهداً تنقية هذه الفكرة من الشوائب في مخيلاتهم حتى يصدقونها أكثر.
دين الخرافة
هذا ولكن السبب الرئيسي كما أعتقد هو الآراء المختلفة لأصحاب وطوائف.. الدين والتي سببت فجوة بين الإنسان ودينه الحقيقي، وبين فطرته واستخدام عقله لصالحها؛ فكل طائفة تعتقد بأن خرافتها أكثر ذكاءً من خرافة طائفة أخرى،.. وذلك بالطبع بسبب اختلاف التفسير والذي يرتكز على الثوابت الأساسية في الاعتقاد..كذلك وبما أن الإنسان هو من أوجد الخرافات،.. فمن يصدّق وأي مذهب يعتنق؟ من السهل إذن على التائه ترك النص الأساسي للقرآن، وتوكيل فهمه لما قد يصادفه حتى لو كان مصدراً غير موثوق، أو تحويله إلى نغمة وترتيلة في فكر الصوفيّة؛.. فيصدّق أن الأضرحة وقبور الصالحين تبارك معيشتهم،.. وأن سيداً في القبر سيحكم حياتهم إذا ما ابتهلوا له،
وأن الطقوس المشابهة للوثنية قد تقربهم من الله أكثر، وأن من الممكن رؤية الملائكة بقالب الزهد المفرط أو حتى بشفائهم من الأمراض بمباركة درويش!