دلالات الصمود رغم الإبادة
دلالات صمود أهل غزة رغم حرب التجويع والإبادة
منذ بدء حرب الإبادة على قطاع غزّة في أكتوبر/ تشرين الأول 2023 .. حيث كان شلّ آلة الحرب وإيقافها، وما زال، هدفاً بذاته.. يتطلّب التركيز عليه. وذلك بعد انكشاف الوجهة التدميرية لهذه الحرب.. أيضا وصمود المقاومة الفلسطينية، إذ يحسب لها في ميزان الصراع.. كذلك فإنه لا يحجب أولوية وقف الحرب.. إذ إنّ ما تحقّقه المقاومة من إنجازات في المنازلة يقابله العدوّ بتجريد حملة وحشية ضدّ المدنيين،
كذلك وضدّ مصادر الحياة ومظاهرها، فالعدوّ لا يعبأ بأخلاقيات الحرب.. وقد نهض المشروع الصهيوني برمّته على نزعة استئصالية تسوّغ له في ناظري أصحابه شنّ الحرب على المدنيين وعلى القرى.. أيضا ومصادر المياه، وعلى البيوت ودور العبادة.. والذين نعتوا نتائج هذه الحرب بأنّها نكبة ثانية، إنّما كانوا يأخذون في الاعتبار الأداء العنصري والإرهابي ضدّ المدنيين.. ذلك الذي تجدّد على قطاع غزّة بعد نحو 76 عاماً من النكبة الأولى.
وعليه، من المحظور احتساب أنّ هناك معركتين يجري خوضهما؛ إحداهما ضدّ المقاومة والثانية ضدّ المدنيين.. فالصحيح والثابت أنّ استهداف المدنيين هو الهدف الأول والأكبر.. أيضا وفي سياق هذا الاستهداف المنهجي يعمل العدوّ على إضعاف المقاومة.
دلالات الصمود رغم الإبادة
وواقع الحال أنّ جملة تطوّرات دفعت البيت الأبيض إلى الإدراك متأخّراً أنّ مشاركة الإدارة في هذه الحرب ترتّب خسارة هائلة (إضافية) على مصداقية أميركا ومكانتها في العالم، وتتسبّب في انشقاقَين، عمودي وأفقي، في المجتمع، ولدى المؤسّسات الأميركية، باستثناء الكونغرس المخترق صهيونياً، علاوة على قرارات هيئات قضائية، مثل محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، وقرار الأمم المتّحدة الاعتراف بدولة فلسطين،
وتمسّك العربية السعودية بالموافقة على التطبيع في سياق وضع نهاية عادلة للصراع الأساسي بين فلسطين والحركة الصهيونية. ومن هنا، جاءت آخر مقترحات الرئيس جو بايدن وقد جرى تعزيزها باستصدار آخر قرارات مجلس الأمن، ورقمه 2735، الذي يواكب هذه المقترحات. وقد تعاملت حركة حماس مع المقترحات بإيجابية، وأعلنت ذلك على الملأ، خلافاً لما يصوّره وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنّ تل أبيب وافقت على المقترحات وأنّ الأنظار تتجه نحو حركة حماس،
إذ لم يصدر عن حكومة نتنياهو أيُّ تصريح يفيد بهذه الموافقة، وربما سمع بلينكن هذه الموافقة في غرفة مغلقة، وهو ما كان يوجب عليه الإشارة إليه بالقول إنّ هناك موافقة صهيونية مكتومة على المقترحات. على أنّ “حماس” أمضت 12 يوماً في دراسة المقترح والردّ عليه، وهي فترة طويلة جداً في ظرف عصيب سقط خلاله أكثر من ألف ضحية، من بينهم 274 في مجزرة النصيرات.
ولم يتوقّف بلينكن، أبداً، عند هؤلاء الضحايا الإضافيين، ولا فعل ذلك وزير الدفاع الأميركي من أصل أفريقي لويد أوستن، الذي هنّأ السفاح وزير الأمن الصهيوني يوآف غالانت على المجزرة، التي أدّت إلى تخليص أربعة أسرى أحياءَ مع قتل ضابط وثلاثة أسرى، إلى جانب المجزرة في حقّ الضحايا المدنيين.