خطة التهجير
كان ولا يزال تهجير الفلسطينيين ..من أرضهم حلما قائما وهدفا في …مخيلة الاحتلال ينتظر الذريعة المناسبة ..واللحظة المواتية.. وأي لحظة انفجار تلقائية .. أو مفتعلة للشروع في تطبيقه من خلال مؤسسته ..العسكرية ومؤسساته السياسية.
ولعل الحرب الحالية على قطاع غزة.. أثبتت أن ما كان يبدوا هواجس أ..و مخاوف أو شكوك لدى البعض أصبح.. الآن أقرب إلى الحقيقة،.. وما كان يتم بحثه كأفكار ورؤى في الغرف المغلقة.. والدوائر الضيقة أصبح الآن.. يطرح علنا للنقاش كسياسات واستراتيجيات.. تبحث سبل وآليات ومواءمات وتوقيت تنفيذها،.. وأصبح يتم تداوله بشكل شبه يومي ..على ألسنة كبار القادة والمسؤولين.. على مستوى الإقليم والعالم،.. رفضا أو تأييدا أو تنديدا أو تحذيرا ..أو تخوفا أو توجسا أو حتى نفيا.
أيضا وتسعى سلسلة المقالات هذه إلى تتبع تاريخي.. لمخططات تهجير الفلسطينيين ..من قطاع غزة الفلسطينية إلى سيناء المصرية،.. كذلك وظروف وملابسات كل مخطط وأوجه التشابه.. بينها والقواسم المشتركة بينها،.. ذلك بدءا من أولى محطاتها في عام 1956.. أثناء العدوان الثلاثي على مصر وقبل انسحاب الاحتلال .. من الأراضي المصرية،.. حين درست الحكومة البريطانية.. خططا ومشاريع عدة شملت ..دمج جزء من سيناء، وقطاع غزة، .. أيضا وجزيرتي تيران وصنافير،.. وجزء من الأردن لإنشاء منطقة عازلة ..بين مصر وإلاحتلال .
خطة التهجير
وكان من بين المشروعات المطروحة مشروع باسم …”خطة سيناء”، اقترحتها على الحكومة البريطانية إليزابيث مونوريو..، رئيسة قسم الشرق الأوسط في مؤسسة الإيكونومسيت في ديسمبر عام 1956، وانتهاء بما كشف عنه معهد “ميسجاف” لبحوث الأمن القومي وللاستراتيجية الصهيونية قبل أسابيع قليلة من تفاصيل دقيقة للخطة المرتقبة لتهجير كافة سكان قطاع غزة إلى شبه جزيرة سيناء.
كذلك فمع دخول الحرب في غزة شهرها الثالث واجبار نحو 85% من سكان القطاع لترك منازلهم والنزوح نحو أقصى جنوبه على الحدود المصرية مع استمرار الآلة العسكرية بكل دأب ومنهجية في إفراغ الشمال مما تبقى من سكانه باستهدافهم عسكريا وحصارهم وتجويعهم، أصبح الحديث عن تجدد فكرة الوطن البديل لفلسطيني غزة في سيناء المصرية المتاخمة أشبه بالحقيقة التي لم يرفضها أو يدينها فقط الجانب المصري المعني بها
والذي كان أول من حذر منها باعتبارها ليست فقط تهديدا صريحا ومباشرا للأمن القومي المصري، بل أيضا تصفية للقضية الفلسطينية، بل حذر منها وأدانها عدد كبير من المنظمات الدولية، وعلى رأسها المنظمة الأهم، الأمم المتحدة، التي كانت شاهدا تاريخيا على كافة محطات الصراع العربي مع الاحتلال منذ النكبة الأولى عام 1948 التي شهدت تحول أكثر من نصف سكان فلسطين، النكبة الثانية تبدو أكثر خطورة فإذا كانت الأولى شرد وطرد فيها أكثر من 760 ألف فلسطيني يتوزعون على أكثر من بقعة جغرافية في عدد كبير من الدول،
كذلك فإن النكبة الثانية التي تطل برأسها تستهدف توطين أكثر من ضعف هذا العدد في بقعة جغرافية واحدة في دولة واحدة مع ما سيخلقه هذا الوضع من مخاطر وتحديات ديموغرافية وجيوسياسية وتهديدات صريحة للأمن القومي المصري وإعلان صريح بتصفية ما تبقى من القضية الفلسطينية، وتشجيع على تكرار الأمر، إذا نجح، مع فلسطيني الضفة الغربية وتهجيرهم إلى الأردن.