لا ريب أن احتلال فلسطين على أيدي اليهود، وضياعها من حَوزةِ المسلمين غصَّةٌ في حَلْقِ كلِّ مسلم، وأن ما يفعله الكِيانُ المحتلُّ على مدار العقود الماضية من تهجير وتشريد، وتقتيل لأهلها، واغتصاب لأرضهم، ونهب لخيراتها؛ ليجعلَ المسلم يعيش حالة من الأسى والكَمَد، والشعور بالعجز عن مدِّ يد العون لهم، أو فعل شيء يمكن أن يغيِّر به الحال المرير إلى حال أفضل، والبعض يستسلم للواقع المرير، ولسان حاله أنْ ليس باليد حيلة ممكنة،
فيحاول أن يتناسى الأمر، ويتعايش معه مستسلمًا له تارة، وهاربًا منه تارة أخرى، إلا أنه بين الحين والآخر تقتضي حكمة الله أن يقع حادثٌ يعيد للأذهان وَقْعَ تلك المأساة الكبرى، والمصيبة العظمى، التي حلَّت بأرض مسلمة هي الأرض المقدسة، التي مكانتها ليست كغيرها من الأماكن؛ إنها مَسْرَى النبي وأولى القبلتين وثالث الحرمين، وإن ما حدث مؤخَّرًا من عدوان غشوم على غزة المحاصرة، وارتكاب أشد وأفظع أنواع الجرائم من إبادة وقتل، وتشريد وتدمير لكل شيء؛ ليضع كل واحد منا أمام مسؤولياته في نصرة فلسطين.
جهاد متعدد الأوجه
واجبنا نحو بيت المقدس وفلسطين:
أولًا: الوعي الصحيح بالقضية:
لا بد أن يعرف كل واحد منا طبيعة الصراع وحقيقته وأبعاده، وأنه صراع بين الحق والباطل، وأن القدس بالنسبة لنا – نحن المسلمين – استخلافٌ من الله، وحملٌ لأمانة بيت المقدس، واستلام النبي الخاتم – وأمَّته من بعده – رايةَ قيادة البشرية من جميع الأنبياء، وأن الله سلب هذه الأمانة من اليهود لإفسادهم في الأرض، وإعراضهم عن الحق، وتحريفهم لدين الله.
ثانيًا: دعم أهل فلسطين:
الجهاد بالمال، ودعم أهل فلسطين والقدس، ومساعدتهم على التشبُّث بأرضهم، والتَّمَتْرُس فيها، فهم لهم همومهم الدنيوية، وأزمات اقتصادية، ومضايقات مستمرة، وهدم بيوتهم، ونسفها، وتفجيرها، خاصة بيوت المقاومين منهم.
ثالثًا: الدعاء والتضرع لله:
الدعاء سهم من سهام القَدَرِ، وهو أسهل العبادات، ونداء ربانيٌّ؛ {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60].
رابعًا: تربية أبنائنا على حب فلسطين:
إن من واجب فلسطين علينا أن نربي أبناءنا على حب فلسطين، وعلى معرفة مكانتها، وحتى تبقى القضية حيَّةً مشتعلة في قلوبهم، متواصلة مترابطة، يسلمها جيل إلى الجيل الذي يليه؛ لأن أبناءنا – إن لم نكن نحن – هم جيل النصر والتحرير إن شاء الله.
خامسًا: نشر القضية بين عموم المسلمين:
على كل واحد منا أن يحدِّث أهله ومعارفه، وأقاربه وأصحابه، ودوائرَه الاجتماعية والعلمية، فلا يشارك إعلاميُّونا ومثقَّفونا وعلماؤنا ورياضيونا في أي مناسبة تجمعهم مع مَن يمثِّل دولة الكيان، حتى يكون هؤلاء منبوذين دائمًا، فلا يندمجوا بيننا، وكيف ذلك وهم لأرضنا يحتلون، ولإخواننا يقتلون ويعذبون، ولأرض فلسطين والقدس مغتصبون؟
سادسًا: المقاطعة الاقتصادية:
أيضا وهي واجب على كل مسلم غيور.. فلا يجب أن يدفع المسلم أيَّ مبلغ قلَّ أو كثر لشراء منتج.. هو من صنع عدو المسلمين الأول، ومحتل أرضهم.. وسافك دماء المسلمين، مَنِ ارتكب الإبادة الجماعية.. كذلك وجوَّع الأطفال، ودمَّر المساجد والبيوت.. والمستشفيات والمدارس.. وكل مظهر من مظاهر الحياة.