معتز خفاجي والحكم بعد المكالمة
لم تسلم السلطة القضائية من التدخلات السياسية على مر تاريخ مصر المعاصر بمراحله المختلفة بدءا من حقبة الخمسينيات وما تلاها من نظم حكم عسكرية متعاقبة وصولا إلى حقبة التسعينيات وبدايات الألفية الجديدة
أيضا والتي شهدت تشكل حركة قطاع من القضاة للمطالبة بالاستقلال المهدر على مر عقود،
وقد ارتكز الجدل خلال تلك الفترات المتعاقبة على كيفية التخلص أو التخفيف من واقع الهيمنة السياسية على القضاء بأشكالها المختلفة الناعمة والخشنة، ثم جاءت ثورة يناير2011 –
كذلك وما تلاها من تطورات -لتكشف حقائق صعبة الاستيعاب عن حالة الاختراق الواسعة للقضاء من داخله
أيضا والتي تبلورت فيما نسميه “ظاهرة التطوع القضائي” المتصاعدة في الظهور للعلن بشكل فج للغاية خلال السنوات الماضية،
وتكفى الإشارة إلى نماذج المحاكمات الهزلية والأحكام السياسية الصادرة
كذلك بحق آلاف المعتقلين لاستشعار حالة التحولات الكبرى الحاصلة على مستوى علاقة القضاء بالسلطة في مصر.
وصلت هذه التحولات إلى حالة نماذجية فجة عبر مشاركة قطاع مؤثر من القضاة
في مشهد الانقلاب العسكري الواقع في 3 يوليو 2013 سواء في مراحله (التحضيرية –التحريضية)،
أو فيما تلاه من مراحل شارك فيها أغلب رؤساء الهيئات القضائية الرئيسية في مصر،
ذلك بدءا من رئيس المحكمة الدستورية العليا الذى قبل التعيين في منصب رئيس الجمهورية بقرار من وزير الدفاع،
ومرورا برئيس مجلس القضاء الأعلى الذى وقف إلى جوار الجنرالات مباركا لحظة اعلان الانقلاب على الرئيس والدستور والمؤسسات المنتخبة،
أيضا وانتهاء برئيس نادى القضاة الذى شارك في التحضير لمظاهرات 30 يونيو
ذلك قائدا لمسيرة من القضاة وأعضاء النيابة العامة باتجاه ميدان التحرير ضاربين عرض الحائط مبدأ حظر العمل السياسي للقضاة (رأيا وممارسة).
معتز خفاجي والحكم بعد المكالمة
منذ ذلك الحين جرت في النهر مياه كثيرة آسنة، أفسدت منظومة العدالة وأدت إلى انهيارها بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ مصر المعاصر،
وتكفي الاشارة إلى ظواهر القتل خارج القانون والاختفاء القسري وتلفيق التهم
كذلك والحبس الاحتياطي المفتوح لعشرات الآلاف من المعتقلين وصولا إلى ازهاق مئات الأرواح بأحكام الاعدام الجائرة والمسيسة
وكذلك تأميم ممتلكات الناس والاستيلاء على أموالهم ظلما وعدوانا بلا أدنى اعتبار لأي قواعد قانونية أو قيم دينية أو حتى مبادئ أخلاقية إنسانية عامة.
كما بات الحديث عن تلك الظواهر الصارخة والأحكام الغاشمة مثار استهجان محلى ودولي وعالمي كاشف لما آل إليه مرفق القضاء في مصر منذ 3 يوليو 2013.
في هذا السياق تثور التساؤلات حول ما يجرى في هذا القطاع والتحولات التي طرأت على مفاصله المركزية
(المحكمة الدستورية، مجلس القضاء الأعلى، نادى القضاة، النيابة العامة، وزارة العدل)،
إضافة إلى توسع صلاحيات ونفوذ القضاء العسكري إزاء المدنيين.
وتهدف هذه الدراسة إلى تحليل تلك التحولات وأبعادها ومظاهرها على مستوى مرافق منظومة القضاء المختلفة في مصر خلال الفترة الممتدة منذ 2013 وحتى 2018.
تقديم الاستشارات القانونية في كل أنواع القضايا المدنية والأسرة والجنح وغيرها
تقديم الاستشارات القانونية في كل أنواع القضايا | محمد غريب – خبير ومستشار قانوني