تربية الأبناء علي القناعة والرضا
في ظل عالم استهلاكي..كيف نربي أبنائنا على القناعة و الرضا ؟
قال الخليفة عمر بن عبد العزيز – رضي الله عنه -: «إن لي نفساً تواقة، وما حققت شيئاً إلا تاقت لما هو أعلى منه؛ تاقت نفسي إلى الزواج من ابنة عمي فاطمة بنت عبد الملك فتزوجتها. ثم تاقت نفسي إلى الإمارة فوليتها، وتاقت نفسي إلى الخلافة فنلتها، والآن – يا رجاء – تاقت نفسي إلى الجنة؛ فأرجو أن أكون من أهلها».
ومن المهم أن تعمل الأدوات التربوية المختلفة التي سنذكرها في غرس القناعة جنباً إلى جنب مع تقوية الطموح، فهما قيمتان متكاملتان وليستا متعارضتين إذا ما ضبطت اتجاهات القيم والأولويات.
أولاً: الأدوات التربوية لتنشئة الأبناء على القناعة:
تأتي القدوة دوماً في مقدمة الأدوات التربوية، ففعل رجل في ألف رجل، خير من قول ألف رجل لرجل، وأبناؤنا يتشربون سلوكياتنا ونظرتنا للحياة، وينطبعون بطبائعنا دون أدنى جهد، لذا فإن تعزيز قيمة القناعة داخل نفس المربي خطوة أولية لتمتع الأبناء بها.
تربية الأبناء علي القناعة والرضا
كذلك ونموذج القدوة هنا هو مربٍّ طموحٌ في الخير، صاحب أهداف، حامل رسالة.. يسعى لتطوير نفسه وتحسين حياته، يعي ويعلم أن المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضَّعيف.. ولكنه يسير بهذا الطموح، وتلك الهمة، من نفسية مطمئنة راضية.
كما قد يبدو هذا الجمع بين القناعة والطموح نظرياً وعسيراً، ولكنه في الحقيقة قابل للاجتهاد والتطبيق.. كما كان أسوتنا صلى الله عليه وسلم يعلِّم: «احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز»[3].
عندما يرى الصغار مَن هم تحت رعايتهم دؤوبين في العمل، مستبشرين دوماً بفضل الله.. واثقين في رزقه وعطائه، فإن هذه المعاني العظيمة تنغرس في وجدانهم.
أيضا فإن الأم التي تتحسر أمام أبنائها على حالها، وتتطلع لما في يد الغير، وتقارن نفسها دوماً بمن هم أعلى منها في الرزق.. كذلك وتلاحق الشراء والتكاثر والتفاخر في الزينة والأموال تفتح على قلوب أبنائها أبواب القلق والجشع.. وترتب أولوياتهم وفق تفاهات الأمور، فتصِّعب عليهم القناعة.. أيضا ويعز مقام الرضا، بخلاف تلك التي يراها صغارها حريصة دوماً على تطوير نفسها في الخير.. كذلك والارتقاء بعقلها وترتيب حياتها، شاكرة لأنعم الله، واثقة مطمئنة في السراء والضراء.