تحويل القبلة تمايز الأمة
تحويل القبلة تمايز الامة ووحدة مشاعرها
الحمد لله، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد..
يقول الله تعالى: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)– (البقرة: 142).
في منتصف شهر شعبان من ثانية سِنِي الهجرة النبوية كان الحدثُ الأكبر؛ تحويلُ القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، وتحويل القبلة تمايز الأمة ويتعزز التواصل المعنوي والمادي بينهم، ويتنامى إحساس الجميع بعضهم ببعض، ويسهل التعاون البناء في كل المجالات بين أصحاب القبلة الواحدة، ويتحقق في الأمة معنى كونها جسدًا واحدًا: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى). ولن تحقق الأمة ريادة ومكانة في عالم اليوم إلا بتحقيق معاني الوحدة والتعاون العملي بين دولها وشعوبها.
تحويل القبلة تمايز الأمة
وقد ترجمت حادثة تحويل القبلة كامل انقياد الصحابة- رضوان الله عليهم- لأوامر الله ورسوله وتسليمهم المطلق؛ فقد ورد في صحيح البخاري: (بينما الناس في قباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال: إن النبي ﷺ قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة).
وفي تلك المناسبة نتذكر ما قاله الأستاذ الدكتور محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين– فك الله أسره- : (إن حَدَث تحويل القبلة من المسجد الأقصى المبارك إلى الكعبة المشرفة، يذكِّرنا بالقدس تلك المدينة المباركة التي يدور حولها هذا الحدَثُ العظيم، والتي تستصرخ ضمائرَ المسلمين وضمائرَ الأحرار في هذا العالم؛ لاستنقاذها من أيدي الصهاينة، الذين يغيّرون معالمها، ويطردون أصحابها، ويحاولون تزويرَ تاريخها، وطمس هويتها العربية الإسلامية، ولن يبلغوا مرادهم- بإذن الله- ما دام المجاهدون في فلسطين يقبضون على سلاحهم، وما دامت الأمة من ورائهم داعمةً ومؤيدةً للحق الأصيل).
طوفان اﻷقصى إلى أين؟
إن استمرار صمود المقاومة في فلسطين بعد مرور ما يزيد على الأربعة أشهر لَهُوَ نموذجٌ حي لجهاد الفئة المؤمنة الصابرة التي بشرنا الرسول الكريم بهم، فعلى الرغم مما يجدون من خذلان ومؤامرات جُلِّ اﻷنظمة العربية والغربية، إلا أن مددَ الله وعونَه لهم أقوى من كل اللأواء التي تصيبهم في سبيل تحرير الأقصى المبارك وكامل أرض فلسطين بإذن الله.
لا شك أن معركة طوفان الأقصى حلقة في تاريخ الجهاد الممتد منذ عهد النبي- صلى الله عليه وسلم- وحتى قيام الساعة، فهذه الأمة لا تنضب تضحياتها ولا تعدم رجال الحق وأسود الميادين عبر العصور، والتاريخ يشهد على بطولات أبناء الأمة وتمتلئ به صفحاته المضيئة، وبإذن الله تعالى لن تتوقف مواكب الشهداء إلا بتحرير مسجدنا اﻷقصى وأراضينا المحتلة، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله تعالى.
مصرنا الحبيبة.. بين مرارة الواقع وإرادة التغيير
وفي مصر حيث بلغت معاناة الشعب مداها، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم، في ظل اقتصاد وصل إلى حافة الهاوية، وانهيار غير مسبوق في سعر العملة، وتزايد متسارع في الأسعار، مع ثبات كامل في الدخول، واتساع خطير في معدلات البطالة، وشلل كبير في الصناعة؛ نتيجة العجز عن الحصول على الدولار وتوفير أدوات الإنتاج.
لقد بات الواقع أكثر خطورة مما توقعه خبراء الاقتصاد وأشد ضراوة على المواطنين مما تخوَّف منه الجميع.. فاختفت الطبقةُ الوسطى أو كادت، وتجرع أصحابُها مرارة الفقر والحاجة.. كذلك وانسحقت الطبقة الفقيرة وباتت تنتظر مصيرَها إلى المجهول.. بل وحتى الأغنياء يتابعون تراجعَ قيمة مدخراتهم وسط حالة من العجز عن الحفاظ على ممتلكاتهم.
تحويل القبلة تمايز الأمة
من أخبار الجماعة
أعلنت جماعة الإخوان المسلمين في 24 يناير الماضي وثيقة يناير 2024 م بعنوان معالمُ الرُّؤيةِ السياسيةِ لجماعةِ “الإخوانُ المسلمون” .. طرحت من خلالها ملامح رؤيتها السياسية والأسس التي يقوم عليها مشروعها الذي نال تأييدًا شعبيًّا واضحًا في عدةِ استحقاقاتٍ دستوريةٍ.. كما حددت الوثيقة منطلقاتُ العملِ السياسيِّ لدى الجماعة؛ والذي دعت فيه إلى التأسيسِ لحالة مستقبلية .. أيضا تتجاوز جميعَ أشكال الاستقطابِ السياسي والأيديولوجي والديني والمجتمعي، وتتضافر فيها الجهود كافة لإزاحة الحكم العسكري الاستبدادي.
كما تعلن جماعة الإخوان المسلمون إلغاء الإفطار السنوي بشهر رمضان المبارك هذا العام .. ذلك بسبب الحرب الإجرامية على غزة وتضامنًا مع أهلنا في فلسطين.. وعملًا على توجيه كافة الجهود والنفقات إلى دعم إخواننا في القطاع.. كما تطالب الجماعة ببذل الطاقة والجهد لمزيد من الإنفاق والإسناد لهم.
أ. د. محمود حسين
القائم بأعمال فضيلة المرشد العام لجماعة ” الإخوان المسلمون “
السبت 29 رجب 1445 هجرية الموافق 10 فبراير 2024م