تحديات العمل الإسلامي في الغرب
العمل الإسلامي في الغرب وسط موجات الهجوم والتحديات
ما حدث منذ السابع من أكتوبر في العام الماضي (2023) في منطقة الشرق الأوسط وتحديدا في غزة من حرب لا متكافئة وإبادة جماعية متواصلة باعتراف الأمم المتحدة وتحالف غربي واسع ومكشوف دون هوادة، من شأنه أن يسهم في إسعاف تلك النظرية التي كشفت حقيقة الصراع الذي تخوضه الدول الغربية وراء الاحتلال التي لا يستنكف قادتها على توصيفه بكونه صراعا حضاريا بين الغرب والشرق أو بين الحضارة الغربية اليهودية ـ المسيحية والإسلام باعتباره العدو الأول والمنازع الرئيسي لثقافتها وقيمها العالمية.
تاريخيا يمكن رصد ثلاث مراحل أساسية مر بها الوجود الإسلامي في الغرب وانعكست تأثيراتها على طبيعة العلاقة بين الإسلام والحضارة الغربية:
ـ الأولى هي مرحلة الصراع بدءا بالحروب الصليبية ومرورا بالفتح الإسلامي لأجزاء واسعة من القارة الأوروبية وهيمنة الخلافة العثمانية على بلاد شرق أوروبا والبلقان وانتهاء بحلقة الاستعمار الغربي لبلدان عديدة من العالم الإسلامي.
ـ الثانية يمكن توصيفها بمرحلة التبعية والاذعان التي سادت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحصول البلاد الإسلامية على الاستقلال الشكلي عن القوى الاستعمارية الغربية وبداية موجات متتالية من الهجرة حيث احتاجت الدول الغربية ولا سيما الأوروبية منها إلى الأيدي العاملة لبناء ما دمرته الحرب وإعادة الاعمار، كما فتحت أمريكا أبوابها للعرب والمسلمين وغيرهم منذ بداية القرن العشرين لنفس الغرض، وازدادت وتيرة الهجرات خلال العقود السبعة الماضية، حيث وصل إلى الغرب أعداد كبيرة من الطلاب للدراسة والعمل.
تحديات العمل الإسلامي في الغرب
ـ والثالثة هي مرحلة التوطين والاندماج والانخراط في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية مع التمسك بالهوية الثقافية والالتزامات الدينية، والمطالبة بحقوق المواطنة على غرار سائر الفئات الأخرى التي تنحدر من أصول مهاجرة، وهو ما أدى الى افراز جملة من التحديات التي تعيق إمكانية التعايش الإيجابي دون اللجوء للانصهار والذوبان الثقافي. ولا شك أن هذه التحديات لها علاقة بمنظومة القيم الغربية المرتبطة بمفاهيم الحداثة والعلمانية والديمقراطية وحقوق الانسان والتي أضحت مثار جدل حتى داخل النخب الغربية ذاتها. كما ترتبط أيضا بالتوتر التاريخي للعلاقة بين الحضارتين الغربية والإسلامية وما أفرزته من أزمات وآخرها الصراع جيو استراتيجي الدائر في منطقة الشرق الأوسط.
عزّزت التطورات الأخيرة للحرب على غزة.. جملة التحديات الذاتية والموضوعية.. التي رافقت الوجود الإسلامي في البلدان الغربية.. كذلك وتطوره خلال العقود القليلة الماضية.
أما التحديات الذاتية فهي تتمحور حول ثلاث موضوعات هيكلية مزمنة وهي:
1ـ تحدي حماية الهوية والانتماء: حيث يواجه الوجود الإسلامي في الغرب.. أيضا ضغوطا متزايدة وملاحقة فكرية وثقافية متواصلة.. حيث تمس من ثوابت هويتهم الدينية.. وانتمائهم الثقافي.. مما يتطلب منهم جهودا مضنية.. كذلك ومستدامة للتصدي لتلك الضغوط والإكراهات.
2_تحدي التعايش والاندماج والتكيف مع الواقع.. أيضا وهو إذا ما وضع بجانب التحدي السابق.. المتعلق بحماية الهوية والانتماء.. يصبح رهين معادلة دقيقة.. حيث تجمع بين التمسك بثوابت الهوية من جهة.. كذلك ومراعاة اكراهات الواقع من جهة أخرى،
3ـ تحدي تحسين صورة الاسلام لدى عموم الغربيين.. التي برغم الجهود المبذولة.. التي تقوم بها المؤسسات الإسلامية المختصة.. الا أنها لا تزال تغلب عليها الصورة النمطية.. كذلك والسلبية المرتبطة بالتطرف والإرهاب.