مصر بعد عقد مر علي رابعة
إذا قبل عشر سنوات استنزف الموت الجماعي المجاني مئات من المصريين المعارضين للانقلاب العسكري، كان كل ذنبهم أنهم أيدوا شرعية الرئيس المنتخب وقتئذ محمد مرسي فكان جزاؤهم القتل خلال فض اعتصامهم
بميداني رابعة العدوية والنهضة الواقعين في شرق القاهرة وغربها يوم 14 أغسطس/آب 2013.
وحتى الآن، ومع ما مرت به البلاد من أحداث خلال السنوات العجاف، لا أحد يعرف على وجه الدقة عدد قتلى المذبحة، فضلا عن أن القتلة لم يخضعوا لأي محاسبة، بل إن الوضع كان معكوسا!
وكانت أرقام متباينة صدرت عن جهات رسمية وحقوقية تخص عدد ضحايا المذبحة، فبينما أكد المجلس القومي لحقوق الإنسان -منظمة حقوقية رسمية- أن العدد بلغ 632 قتيلا، ترى منظمات حقوقية محلية ودولية أن الرقم تخطى الألف، أما جماعة الإخوان المسلمين فقالت إن عدد الضحايا تجاوز ألفي ضحية، إلى جانب آلاف المصابين.
والأكثر إدهاشا من عدم معرفة أعداد الضحايا أو محاسبة القاتل هو ما جرى من معاقبة الضحية، ففي يوليو/تموز 2018،
كما أصدرت محكمة مصرية حكما بالإعدام على 75 معارضا للسلطة في القضية المعروفة إعلاميا بـ”فض اعتصام رابعة”،
ذلك إلى جانب سبع قضايا أخرى ينظر فيها القضاء تخص اتهامات القتل العمد وتدمير ممتلكات عامة ومقاومة السلطات.
مصر بعد عقد مر علي رابعة
ورغم ضبابية المعلومات وغياب العدالة، تبقى حقيقة واضحة تخص المذبحة كونها إحدى أكبر عمليات القتل الجماعي في تاريخ مصر الحديث،
وواحدة من كبرى وقائع قتل المتظاهرين في العالم في يوم واحد، وفق ما ذكرت تقارير حقوقية دولية
أيضا بطريقة ما تبدو الذكرى نفسها سائرة على طريق الاحتضار، بالنظر إلى ابتعاد الزمن وتعدد الفجائع،
بينما اختلطت المآسي ببعضها وصارت حملا ثقيلا دون تمييز كل واحدة على حدة.
غير أن ما شكلته جريمة فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة في الوعي الجمعي المصري يصعب نسيانه أو تدويره
كذلك بحيث يفيد سلطة الانقلاب العسكري، حسب ما يؤكد مراقبون للمشهد السياسي.
ويظهر ذلك مع أيام إحياء الذكرى، فيسترجع الشهود وذوو الضحايا الأحداث الدامية عبر منصات التواصل الاجتماعي، كما تتجدد مطالب القصاص من القتلة
كل الأبعاد