انحدار الدراما المصرية
من المسؤول عن انحدار الدراما المصرية.. صناعة فنية أم مخطط لطمس الهوية؟
لا تزال هذه الاستعارة التي استخدمها الشاعر المصري الراحل أحمد فؤاد نجم في قصيدته “ورقة من ملف قضية” في ستينيات القرن الماضي، صالحة كما كانت دوماً لتحليل الهوة الطبقية العميقة التي تشكّل المجتمع المصري، والتي تتجلى بوضوح في الخطاب السياسي والاقتصادي، وأيضاً في الإنتاج الثقافي والدرامي.
كما في سؤال نجم، تبدو مصر اليوم “مصرَين” أكثر من أي وقت مضى. حتى أن هذا الانقسام أصبح واضحاً في عوالم وسائل التواصل الاجتماعي ومحتواها الذي قسّمه المصريون إلى فئتين تحت عنوان: مصر و”إيچبت”.
محتوى كامل بمقاطعه المصوّرة ومنشوراته وترنداته واهتماماته يعكس معيشة المواطنين في المجمعات السكنية الفخمة (الكومباوندات) المسوّرة والبعيدة عن القاهرة التاريخية، وآخر يأتي مع جمالياته وضوضائه وموسيقاه الصاخبة ليظهر كيف يعيش الآخرون في “مصر” – “العشّة” في استعارة لوصف الشاعر.
تنسحب هذه الهوة أيضاً على إنتاجات الدراما المصرية، لا سيما في موسم شهر رمضان. وقد أصبحت المسلسلات ساحةً تظهر هذه الثنائية في ظل التحوّلات الاقتصادية والاجتماعية التي أعادت تشكيل الطبقات الاجتماعية في مصر خلال السنوات الأخيرة، وقلّصت حضور الطبقة الوسطى التقليدية التي شكّلت لسنوات طويلة، العمود الفقري للدراما المصرية.
انحدار الدراما المصرية
وفي وقتٍ تحاول بعض الأعمال الدرامية محاكاة عوالم خاضعة لقسمة هذه الثنائية، يميل نقّاد كثيرون إلى اعتبار أن هذه المحاولات للتماس مع الواقع المعيش في مصر غالباً ما تبوء بالفشل. فما هي أسباب هذا القصور في الدراما المصرية في الوقت الراهن؟
يشهد المجتمع المصري تراجعاً متزايداً للطبقة الوسطى في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد منذ سنوات.
هذا وقد اضطرت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي.. أيضا أكثر من مرة.. ذلك مقابل تحرير سعر الصرف.. وتقليص الدعم.. مما زاد من المعاناة المعيشية على مواطنين .. يعيشون أصلاً في ظروف مادية صعبة.. هي نتاج لموجات متتالية من الإفقار.
أيضا وكان البنك الدولي.. قد أشار في عام 2019 إلى أن نحو 60% من سكان مصر.. إما فقراء أو عرضة للفقر.. ذلك بالتزامن مع الانحسار المستمر للطبقة الوسطى.. كذلك وتآكل قدرتها على الصمود.. أمام التحديات الاقتصادية المتلاحقة.