النظام وبعبع يناير
لماذا يخشي النظام ذكري يناير
بين حملات الاعتقال المكثفة والاستنفار الإعلامي والأمني والسياسي يستقبل النظام المصري ذكرى يناير بشيء من الخوف الملموس والارتباك الواضح والجلي، والاستعداد الجدي الذي لا يمكن أن يكون نابعا من قلق لا أساس له، فالدولة بأجهزتها الاستخبارية تدرك حجم التفاعلات على الأرض أكثر مما يدركه الفاعلون السياسيون في مواقع المعارضة، ما يطرح تساؤلات عدة حول مدى وحجم البواعث الحقيقية لهذا الخوف على أرض الواقع.
يواجه هذا التساؤل بعض المعلقين السياسيين بشيء من السخرية، حيث إنه -في نظرهم- لاشيء يدعو حقيقة للخوف الذي يتعامل به النظام، فالمعارضة أصبحت في وضع متهالك،فيصبح الحديث عن مخطط لقلب الأوضاع من قبل خصوم النظام التقليديين أمرا بعيد المنال، فلماذا إذا يواجه النظام حدثا لم تصدر بالحشد له دعوات ذات ثقل؟
الحقيقة التي تغيب عن كثيرين أن النظام بأجهزته المعلوماتية أصبح يدرك بشكل أفضل ما الذي يجعل الانفجار ممكنا أم لا، ففي وقت الانقلاب وما تلاه استطاع النظام خلق حالة من الاحتقان الداخلي ضد الإخوان والمعارضة كانت كفيلة بشحن سياقات كبيرة من المجتمع في صفوف الداعمين للنظام دعما غير مشروط،
النظام وبعبع يناير
مما كان يمنحه طمأنينة وقتية بأنه مهما بلغ حجم احتجاجات الإخوان وحلفائهم في الشارع، فلن تتعداهم إلى القطاعات المجتمعية الأوسع، والتي بمقدورها قلب مجريات الأمور ومنح الحراك صفة جماهيرية أوسع.
وبالتالي كان ذلك أيضا مشجع كبير للنظام لضمان تأييد شريحة أوسع لعمليات التصفية والقمع الواسع للتظاهرات، حيث كانت دعاية الشيطنة للإخوان مازالت تعمل بشكل جيد وتغذي المواطن برؤية تصور له النظام بصورة المنقذ والمخلص من الفوضى وصانع الانضباط والاستقرار الجديد.
لكن هذه الصورة ما لبثت أن تداعت.. أمام توالي الإخفاقات.. فقائد الانقلاب ونظامه أصبح يقدم الفشل تلو الفشل .. كذلك في مساحات اقتصادية وسياسية وأمنية.. كما رأى قطاع من مؤيديه .. أن من كان سيصبح في نظره مصدر الاستقرار.. حيث أصبح مرادفا للقلق والتوتر وتوالي الأزمات.. كذلك هذه الأزمات التي لم يعد بإمكان النظام السياسي تحميل شماعة الإخوان أسبابها.. فالفاصل الزمني بين حكم الإخوان.. وبين حكم الانقلاب قد طال.. أيضا وانسحابهم “جزئيا” من الشارع وانكفائهم على خلافاتهم.. كذلك منح الشارع تصورا حقيقيا.. بأنهم لم يعودوا يشكلون خطرا على النظام -حسب تصورهم-.. أو على المجتمع.. وبالتالي لن يفلت النظام .. أيضا من مسؤولية تردي الأوضاع وتراجعها ولو نظريا.