المرأة والثورة مصطلحان لم يرتبطا في الأذهان منذ زمن غير قريب.. ففي الفترة الأخيرة من تاريخ مصر الحديث قد خفت دور المرأة.. بل أختفي في المشاركات السياسية خوفا من الاعتقال والتعرض للتعذيب وخاصة بعد معاناة العظيمة زينب الغزالي .. وما وجدته من وحشية في سجون الظالمين، .. والأبعد من ذلك فلم تثر المرأة على التهميش والظلم والعنف الذي مورس ضدها على كل المستويات.
أما على الصعيد السياسي أو العمل المجتمعي فقد أصبح دور المرأة مقتصرا على العمل في الظل .. مختبئة خلف صفوف الرجال لفترات طويلة، .. مكتفية بما تبذله ابتغاء مرضاة الله من خلال تربية الأجيال الجديدة، ..والعمل على تنمية العقول والروح حتى تظهر من خلال هذه التربية ما يعتمل بداخلها من نوازع ورغبات… في الوقوف أمام كل ظالم يكبت الحريات ويعتقل الأرواح قبل الأجساد ويمنع الشعوب من العدالة بل تخطى ذلك لمنع الخبز عنه.
وضع المرأة قبل يناير 2011:
النظام السياسي المصري القائم قبل ثورة يناير كان يستخدم ملف المرأة لتجميل وجهه أمام العالم …وذلك تحت ستار تمكين المرأة، بل كان ينظر إلى المرأة باعتبارها أداة تستخدم فقط في الدعاية السياسية له، … حتى حقوق المرأة الاجتماعية والاقتصادية كانت تستخدم فقط كستار لكسبه التأييد الدولي .. بادعاء تميكن المرأة واعطائها حقوقها ولكن في حقيقة الأمر كانت المرأة تعاني من تهميش كبير للغاية في شتي المجالات .. الأمر الذي كاد أن يؤكد بأنها لم تكن تتعامل كأنها مواطن بل كأنها أداة تمتلكها الدولة لتحقيق أهداف محددة.
فكان وضع المرأة قبل الثورة مُزري للغاية… حتى وفي ظل تطبيق نظام الكوته للمرأة داخل البرلمان خلال الانتخابات البرلمانية 2010 ووصل 64 سيدة إلي المجلس ولكن لم يكن لهن دور حقيقي في الحياة التشريعية أو السياسية فلم يحدث تغير ملحوظ في مشاركة المرأة سياسيا أو اجتماعيا فظل الوضع كما هو عليه وظلت المرأة أداة النظام لتحسين صورته فقط أمام العالم بداعي تمكين المرأة لكسب دعم عالمي له.
المرأة والثورة:
كشفت ثورة يناير عن وجه جديد للمرأة المصرية لم يعتده مجتمعنا من قبل وكان مفاجأة بكل المقاييس للعالم … الذي سيطر عليه اعتقاد سائد بأن المرأة المصرية ليس لها دور في المجتمع منذ القدم .. هذا الوجه الجديد للمرأة المصرية قد ظهر خلال الثورة وفى الفترة التي تليها ونقلت جميع وسائل الاعلام كيف وقفت ” حواء المصرية الثائرة جنبا إلى جنب مع الرجل في ساحة ميدان التحرير تندد بالفساد والقمع والظلم وتتلقى نفس الضربات الموجعة وتنال الشهادة في سبيل الله ثم الوطن.
خرج شعب مصر نسائه ورجالة شبابة وشباته في وجه هذا النظام الذي جرف الأرض المصرية من القادة والكوادر الوطنية القادرة علي القيادة خرج الشعب المصري في وجه الظلم وفي وجه الفساد الذي شوه مصر وأصبحت الرشوة هي عنوان المصالح الحكومية ولا يمكن أن تذهب إلى أي مصلحة إلا وتدفع المعلوم ، بجانب النظام التعليمي العقيم والنظام الدستوري المشوه بوجود دستور مهلهل لا يمكن أن يحكم قبيلة لا دولة لها جذورها وتاريخها حتي القوانين لم تسلم من النظام وانشأت قوانين بمساعدة مجلس الشعب الغير شرعي لتزيد القيود على المنظمات و المواطنين وعلى من يعلي كلمة الحق.
المرأة والتضحيات العظيمة:
جاءت الثورة والمرأة المصرية كانت في الطليعة تقف بجانب الرجل تهتف وتستقبل الرصاص والغازات والعنف، لا لشيء إلا أنها تؤمن بأهمية مشاركتها في تطهير بلدها من الفساد والمفسدين ، اعتصمت على رصيف الميدان كانت تحتمي بحب الوطن وتحلم بالمستقبل من أجل وطن مدني يحميه القانون وترعاه الديمقراطية ، حلمت المرأة بالديمقراطية الممارسة لا الديمقراطية المنطوقة والمنقوصة، وسقط عدد كبير من السيدات أثناء الثورة وتم القبض والاعتقال على عدد كبير منهم، ومع ذلك لم يثنيها هذا عن ثباتها حتى الانقلاب وما بعده في ميادين الثورة ،لذلك تواجه الى الآن أبشع صور العذاب من اعتقال واخفاء وإهمال طبي داخل السجون.
وإلى الآن المرأة المصرية تنتظر لم تكل ولن تمل من الانتظار .. لعودة يناير مرات ومرات ككل الشعب المصري الذي يأمل بالعودة واثقا في وعد الله عز وجل ،.. يحلم بالخلاص من الظلم والفساد ويحلم بالحرية لأوطانه حتى ينطلق منها لتحرير الأقصى الأسير .