الزواج هو تلك الآية العظيمة ، التي خلقها الله عز وجل ،و التي استمدت عظمتها من عمق الآية الكريمة التي ذكرت فيها ومن عمق معانيها.
و لما للزواج من دور كبير في استقرار الأمم؛ فقد طالته يد المؤامرة، ووضع تحت طائلة وسائل الحرب ، ولذلك فقد تم احتلال عقول الشباب بمفاهيم مغالطة كثيرة ؛ فأصبح له مفهوم خاطئ ومبالغ فيه عند الجنسين.
فإذا ذُكِرَ الزواج ؛ فالشاب يتخيل الأنثى الجميلة، الرقيقة، والبيت النظيف ،والورود المنثورة فيه ،والعطور التي تملؤه ،والأولاد الجُمَلَاء ، والحياة الهادئة،ويتناسى أن البيت النظيف قد تعبت فيه الأنثى الجميلة ذات الحسن؛ فأبليت ملابسها ،والأولاد الجملاء قد حملت بهم هذه الأنثى فتغير شكلها ، وربتهم فتدهورت صحتها، وتعبت أعصابها ، وارتفع معهم صوتها.
وكذلك البنت عندما يذكر الزواج أمامها فتتخيل الرجل الرومانسي ؛ الذي يكد من أجلها صباحا وكل يوم، وهو راجع من عمله يأتي لها بجانب الجرجير ورود ، ومساءا يشعل لها الشموع، ويكون لها المارد الذي يحقق لها أمانيها، وتناست أن أمانيها من الكماليات تحتاج أضعاف أضعاف ما يشقى به زوجها لفترات طويلة ،وتناست أنه يحتاج يوم الإجازة ليريح جسده المنهك ، وتناست أن عنده عائلة يريد أن يزورها، وتناست أن كل شقائه لأجلها.
وللأسف فهما الاثنان كانوا من قبل زواجهم يتناسون أن الله خلق الزواج ، ثم جعل بين الزوجين المودة والرحمة ؛ فبحثوا عن الحب قبل الزواج ففشلوا مرات ومرات ودمرت القلوب فلم تعد القلوب عذراء؛ فأصبح الشاب لا تعجبه زوجته؛ فهو كان يعرف قبلها الكثير منهم الأجمل ، ومنهم الأكثر عقلا ، ومنهم الأخف دما ؛ فهو دائم البحث حتى بعد زواجه، وكذلك هي.
فلو رجع الشباب للشرع لوجدوا أنه يجب عليهم حفظ أنفسهم؛ لكي يستطيعوا أن يحيوا بعد الزواج بشكل صحيح ، ولعرفوا أن الحب يأتي بعد الزواج ، وعرف كل مهم حقوقه وواجباته كما جاءت في السنة
وأيضا علم النفس قد فسر المودة والرحمة على أنه هو الحب الذي يكون نوعان :
الحب التعليمي : وهو السعي لمعرفة كل منهما ما يحبه الأخر فيفعله، وما يكرهه فيبتعد عنه، وقتها فقط تتحقق السعادة ؛ فيحب كل منهما الأخر .
والحب الابتدائي :الذي يجعل كل طرف منهم من حبه للأخر فلا يرى فيه عيبا ، ويرى الخطأ أنه أمر عادي .
نصائح للزواج السعيد :
لذلك فإن هناك بعض الأمور التي لو تم وضعها في الحسابات لأصبحت الحياة الزوجية سعيدة .
أولها :محاولة تقبل الأخر أكثر من الرغبة في تغيره؛ فلو عرف كل منهم دوره أنه ليس أبا أو أما يربي؛ بل هو شريك يحقق الغرض والهدف من الشركة ؛ متجنبا للطباع المختلفة ،وباحثا عن أوجه الاتفاق؛ التي تساعد على تحقيق الهدف ،لنجحا في حياتهما.
ثانيها: هو تجنب خطأ النصح ؛ فعندما سُئِل رسول الله صل الله عليه وسلم لمن النصح قال : (لمن ينتصح ) أي لمن يطلبها ،إذا فلا تنصح زوجتك ولا تنصحي زوجك إلا لو طلبت رأيك أو طلب رأيك في أمر؛ لان النصح هو معناه القول للأخر أنت على خطأ، وكلنا لا نحب هذا .
ثالثها :اجعلوا مشاكلكم داخل بيوتكم ، وهذا بقدر الإمكان ؛ فأحيانا من المشاكل ما يضطر لإدخال حكم من أهله.
هل هناك فرق بين الزواج والزواج في الغربة ؟
أمر طبيعي جدا فالزواج في الغربة له أحكامه وله مميزاته وأيضا عيوبه ؛
فالشاب في الغربة يعمل لساعات طويلة، والمرأة في المنزل عليها واجبات كثيرة لا أحد يساعدها ، ولا أم بجوارها تريحها من بعض الأعباء ، تحزن فلا تجد من تحكي له، تتعرض للتعامل مع ثقافات مختلفة وبعض الأحيان لغات مختلفة، وبيئة غريبة عليها ؛ فتزيد من ألم نفسيتها وتشكل ضاغطا عصبيا عليها ، قد تتعب وتلد وتربي وحدها ولا أحد معها.
ماذا تفعل؟
يجب أولا أن تدرس المجتمع التي ستتزوج وستعيش فيه ؛ فتتعلم ثقافاته ولغته قبل الزواج فيساعدها هذا على الاندماج و يقلل من الضغوط النفسية.
وأيضا يجب أن تحاول القرب من زوجها في وقت أسرع حتى تجد الونيس والرفيق وقت الاحتياج له .
عليها أن تسعى لخلق مناخ لذيذ في البيت ، وتغيير شكله دائما؛ فهذا يساعد على إراحة أعصابها والتجديد دائما ؛لان أوقات النزهة مع عمل الزوج قد يشكل صعوبة.
وأيضا تحاول أن تتعلم هوايات تشغل بها وقتها؛ حتى تجد السعادة لها في جو ينقصه الجانب الاجتماعي .
والزوج يجب أن يتفهم مشاعر التغيير عند زوجته؛ فيراعيها ويقترب منها ليعوضها عن الأب والأخ اللذين ابتعدت عنهما
عليه أن يقوم بتعويضها عن أوقات البعد الكبيرة بسبب العمل ؛ فيحاول أن يتصل بها كلما سنحت له الفرصة، ويعوضها في المساء بتخصيص وقت للعب معا والتحدث.
وكذلك يدعمها حتى تتعلم هوايات تشغلها، ويكون على علم بدوره في الوقوف بجانبها إذا احتاجته وقت تعبها أو خوفها .
فإذا استطاع الزوجان سواء في بلدهما أو خارجها تلبية رغبات كل منهما للأخر؛ فالحب يجد طريقه لبيتهما وتتحقق السعادة التي يبحث عنها الجميع ،وتتحول الحياة إلى جنة ليرضيا المولى عز وجل، وينطلقا لتحقيق الغايات الكبرى، والوظائف العظمى.