الفـــوز الكبــــــير
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والذي نفسي بيده لوددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل ثم أحيا فأقتل ثم أحيا فأقتل ، فكان أبو هريرة يقول ثلاثا أشهد الله تعالى .
هتاف كان يزيّن مهرجاناتنا ومناسباتنا الدينية والوطنية ، ورثناه عن جيل سبقَنا كانت في دماء كهوله وشيوخه همة الشباب ، كنت في المسجد الحسيني الكبير وسط مدينة عمان أحرص على متابعة نشاطات الحركة الإسلامية منذ طفولتي ، يشدني تنظيم احتفالاتهم ، وضبط إيقاع الهتاف الذي توكل قيادته عادة لشخصية مثقفة بصوت جهوري ومخارج حروف واضحة ، وبهزة وجدانية آسرة ، أردد مأخوذا بهذا كله مع “الهتيف” : الله غايتنا، والرسول زعيمنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا .
أردد وتردد معي الجموع الخاشعة وجدران المكان العتيقة ، ويصعد الصوت عبر المئذنة في زمان كان العلو ما يزال فيه متاحا قبل أن توصد دونه الأبواب ، وقبل أن يصحو المترجم ليبلغ عنا معشر الهاتفين أنا نحمل منهجا خطيرا حاربه من كانوا يعدون أنفاسنا منذ أسقط نظام الخلافة الإسلامية ، وكان هذا الهتاف الآسر أثرا من آثار شوق الأمة إلى أبجديات حياتها السعيدة في كنف مقاصد دينها العظيمة .
مضت الأيام منذ سقوط الخلافة عام ١٩٢٤ م ثقيلة على المسلمين المستضعفين ، ومن رحم تلك الأيام ولدت عزيمة ثلة من أولئك المستضعفين تحمل هم نفسها وهم أمتها ، فوضعت كل كلمة من كلمات هتافها التليد موضع التنفيذ عندما علمت أن التنظير لا يحيي أمة ولا يرجع مجدا ولا يحرر أرضا ، وعلى هذا الأساس قامت حماس ، لتكون يد الحركة الإسلامية الضاربة للغاصب الصهيوني حصريا ، لا لتفتعل أي صراع مع سواه .
الفـــوز الكبــــــير
خاضت حماس مواجهات ضارية مع عدوها المباشر المحتل لأرضها ، ولم تسلم من شرّ ذوي القربى الذين عملوا على التشكيك بأهدافها والتقليل من أثر مقاومتها بمثل ادعاء عبثية صواريخها .. لكن ذلك لم ينسِ أصحاب الهتاف هتافهم جنودا وقادة .. عسكريين وسياسيين .. كذلك ولقد عمل الصهاينة على استهداف قادة حماس لينالوا من عزيمتها .. فما يكادون يتركون فرصة للتخلص منهم إلا اقتنصوها .. أيضا وعبثا يحاولون إطفاء جذوة جهد هؤلاء القادة وجهادهم.. وهم ينشِدون في طلب الشهادة أعذب الألحان ويرددونها مع جنودهم .. كذلك فمَنْ منا لم تبلغه عذوبة صوت الشهيد أبو العبد وهو يردد :
ماضٍ وأعرف ما دربي وما هدفي
والموت يرقص لي في كل منعطف
وحياتنا أنشودة صيغت على لحن الكفاح
وطريقنا محفوفة بالموت بالدم بالجراح
يا دربنا يا معبر الأبطال يا درب الفلاح
إنا إذا رفع السلاح بوجهنا ضج السلاح
وإذا تلعثمت الشفاه تكلمت منا الجراح