تدخل الحرب على غزة.. شهرها الثامن دون جديد يذكر،.. فما سوى القتل والتنكيل واستهداف المدنيين والعزل،.. لم يحقق جيش الاحتلال أي مُنجز يمكن تسويقه نصرًا، ..أو على الأقل اختراقًا ملحوظًا.. للأهداف الثلاث التي أعلن عنها ..بداية المعركة أكتوبر/تشرين الأول الماضي.. وفشل في تحقيق أي منها.
213 يومًا مرت على تلك الحرب..، التي لم تتوقف فيها آلة القتل والتدمير الكيان ،.. ارتكب فيها الاحتلال كل ألوان الجرائم المحرمة دوليًا،.. خلفت ورائها قرابة 35 ألف شهيد..، معظمهم من النساء والأطفال،.. وأكثر من ضعفهم جرحى ومصابين،.. فضلًا عن مليون ونصف ..نازح على الأقل.
العدوان الصهيوني في شهره الثامن
وبعد 7 أشهر كاملة من القتال،.. تجمدت الحرب عند مرحلة ..“القتل والتدمير وإيقاع المزيد من الضحايا”.. دون تحقيق أي هدف أو انتصار حتى لو كان وهميًا،.. حتى فقدت بوصلتها بشكل واضح،.. وأصبح القتال مجردًا من أي خطط.. أو إستراتيجيات،.. ولن يسفر عن أي جديد مهما طال أمده،.. لتتحول الحرب على غزة ..إلى معركة بلا هدف.
كذلك استند مجلس الحرب منذ بداية المعركة ..في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023 على سياسة ..“الضغط بالتدمير”، متوهمًا أن المزيد من القتل والإبادة سيقود حتمًا إلى مزيد من الضغوط على المقاومة ومن ثم الوصول إلى نتائج إيجابية في أسرع وقت، يحقق بها الكيان المحتل أهدافه الثلاث المعلنة.
كما وأنه كانت البداية الأشرس في الشمال، إذ نجح في تهجير معظم سكان تلك المناطق إلى الوسط، ليبدأ المرحلة الثانية من تلك الحرب، وحقق فيها ذات النتائج التي تحققت في المرحلة الأولى، فنزحت الغالبية أمام آلة القصف جوًا وبحرًا وبرًا، وصولًا إلى خان يونس حيث شمال المنطقة الجنوبية، تمهيدًا للمرحلة الثالثة والأخيرة حيث اجتياح رفح.
كذلك فالاحتلال تفاجأ بصمود غير طبيعي للغزيين.. في المرحلتين الأولى والثانية، ..فالمقاومة ثابتة وواقفة على أقدامها حتى في المناطق التي ادعى فيها الاحتلال أنه سيطر عليها في الشمال والوسط، كذلك سكان المناطق الشمالية والوسطى، ممن أصروا على العودة إلى مناطقهم مرة أخرى رغم التهديدات والاستهدافات المباشرة من طيران الاحتلال، تزامن ذلك مع تطورات قوية في إستراتيجيات المواجهة التي تتبناها حماس والجهاد، حيث العمليات النوعية وفخاخ الكمائن جنبًا إلى جنب مع القصف الصاروخي للمستوطنات في مدن الغلاف وفي الداخل .
العدوان الصهيوني في شهره الثامن
ولعل عملية “كرم أبو سالم” التي نفذتها المقاومة أمس الأحد 5 مايو/أيار، حين استهدفت مركز قيادة قوات الاحتلال في جنوب قطاع غزة وأسفرت عن مقتل 4 جنود وإصابة 11 جنديًا بينهم 2 إصابتهما خطيرة، تجيب عن الكثير من التساؤلات المبهمة عن وضعية المقاومة ميدانيًا.
وبعد أكثر من 7 أشهر، كانت المحصلة للكيان من الأهداف صفر، فلم يحرر جيش الاحتلال أسيرًا واحدًا، ومن تم إطلاق سراحهم كان عبر هدنة وبموافقة المقاومة، رغم تدمير ما يزيد على ثلثي القطاع، ولا ضمن ألا تشكل غزة تهديدًا لـ”إسرائيل”، حيث لا تزال صافرات الإنذار تدوي في سماء عسقلان ومدن الغلاف جراء رشقات المقاومة، هذا بخلاف القضاء على حمالكيان وبنيته التي لا تزال تكبد جيش الاحتلال خسائر فادحة في الشمال والوسط وخان يونس.
راهن الاحتلال على الأرقام المفزعة لأعداد الضحايا من الجانب الفلسطيني، وحجم التدمير الهائل، ما يسفر عن رضوخ المقاومة واستسلامها هربًا من ضغوط الشارع والوسطاء والحلفاء معًا، وإنقاذًا لما تبقى منها، وإبقاء الباب مواربًا لعودتها مستقبلًا إذا ما تحسنت الأجواء.
لكن سرعان ما تهاوى هذا الرهان، بعد صمود المقاومة والغزيين معًا، لتصبح الحرب بلا رؤية ولا هدف، ولو استمرت لسنوات قادمة فلن تسفر عن جديد، خاصة مع تغير إستراتيجيات الحرب وتنوعها من جانب حماس وبقية الفصائل، وهي الإستراتيجيات التي تُبقي المقاومة في المشهد لفترات طويلة قد لا يتحملها جيش الاحتلال، وهو ما تعيه النخبة السياسية والعسكرية لدى الكيان المحتل، التي تطالب نتنياهو بإنقاذ الموقف وإنهاء الحرب والخروج من هذا الفخ الذي قد يُنهي على ما تبقى من القوة العسكرية