الصوفية والموقف من قضايا الأمة
في السنوات الأخيرة أفسحت السلطة المجال لأتباع الطرق الصوفية لنشر فكرهم، كما تولوا مناصب دينية وسياسية كونهم يؤيدون كل ما يخدم النظام، بحسب مراقبين.
ورئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية عبد الهادي القصبي هو نفسه رئيس لجنة التضامن الاجتماعي في البرلمان، ونقيب الأشراف محمود الشريف هو وكيل مجلس النواب، كما أن شيخ الأزهر أحمد الطيب يتبع الطريقة الخلوتية الحسانية التي كان والده شيخا لها.
خدم السلطة
من جهته يرى عضو جبهة علماء الأزهر الشيخ محمد عوف الإنشاد الصوفي وسيلة من وسائل الترويج للطرق الصوفية بمصر، “بما يتماشى مع المفاهيم والأفكار السطحية والجوفاء عن مفهوم التدين”، بحسب قوله.
ويقسّم الشيخ الأزهري المتصوفة في مصر إلى ثلاثة أنواع، أولهم الذين يتبعون التصوف بمفهومه الإسلامي الحقيقي وهم قلة، وثانيهم الدراويش وهم العوام من قليلي العلم والفهم، أما الفئة الثالثة فيرتكز فيها أصحاب النفوذ والمناصب وخدم السلطة.
ويردف: “للأسف النوع الثالث يوجد على رأس المؤسسات الدينية بمصر، وخاصة مؤسسة الأزهر ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء”، مضيفا أن الصوفية تتلقى دعما كبيرا من الدولة والقوى الاستعمارية.
ويدلل عوف على رأيه بإفساح المجال لنشر أفكار المتصوفة وممارسة أنشطتهم بحرية تامة في الداخل والخارج وفي تولي المناصب الدينية الرفيعة.
الصوفية والموقف من قضايا الأمة
ولكن ما الذي يجعل السلطة في مصر تنحاز للطرق الصوفية على حساب باقي التيارات الإسلامية؟ يجيب عضو جبهة علماء الأزهر: “المتصوفة يحصرون الإسلام في بعض الأوراد والأذكار والشعائر البعيدة عن منازعة الحاكم أو المطالبة بالحقوق، وهذا ما تريده الأنظمة المستبدة”.
إذن الصوفية تضمن للسلطة تدينا مأمون الجانب، وفي مقابل دعم الدولة لها يقدم الصوفيون الولاء للنظام في أي مناسبة، وفق قول عوف، ويوضح أنهم “كانوا يؤيدون الرئيس المخلوع مبارك وعارضوا ثورة 25 يناير والآن يؤيدون السلطة الحالية”.
“المستبد يوظف كل شيء لخدمة مصالحه”، هكذا يلخص أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر رمضان خميس الغريب المنطق الذي تستخدمه السلطة الحالية في تعاملها مع المؤسسات المختلفة.
ويوضح للجزيرة نت .. أن السلطة العسكرية توظف العاطفة الدينية .. أيضا ممثلة في الاتجاه الصوفي.. ومقابل هذا التوظيف .. هي تدعم التصوف.. أيضا لقاء بقاء أثره في نفوس الناس.
كذلك وبحسب الغريب.. فإن آثار هذا الدعم من جانب الدولة .. ظاهرة على المشهد الديني.. ومن أهمها جذب العامة.. أيضا للتصوف .. “خاصة أن الصوفية أغلبهم من العوام.. وإن لم يخلوا من أهل العلم”.
لكن ذلك لا ينفي الجوانب الإيجابية.. في جوهر التصوف .. ذلك وفق رؤية أستاذ التفسير بجامعة الأزهر.. مؤكدا أنه في أصله .. من أهم أبواب العاطفة الدينية.. ولو وظف توظيفا سليما.. لجذب إلى الساحة الإسلامية.. الكثير من الناس.. كما وأردف: “نحن .. لا ننكر ما فيه من عاطفة مشبوبة.. ومتوهجة .. لكن بشرط أن يكون هذا كله.. أيضا في ضوء ضوابط الشريعة السمحاء”