انهارت مبادرة السلام الأخيرة لمفاوضات وقف الحرب في السودان بسبب عدم حضور الوفد الحكومي السوداني إلى مقر المفاوضات في سويسرا. وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أعلنت الشهر الماضي دعوتها لجولة مفاوضات تلعب فيها دور الميسر بين قوات الجيش السوداني وميليشيا “قوات الدعم السريع”، تبدأ في 14 أغسطس/آب وتستمر لمدة 10 أيام باستضافة الحكومة السويسرية وبمشاركة المملكة العربية السعودية كمضيف مشارك، ومصر والإمارات العربية المتحدة والاتحاد الأفريقي كمراقبين. وأعلنت الولايات المتحدة أن جولة التفاوض سيحضرها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن وسفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، وهو مستوى تم تخفيضه لاحقا إلى المبعوث الأميركي لمنطقة القرن الأفريقي مايك هامر والمبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بريليو.
منذ تقديم الدعوة الأميركية، أبدى الطرف السوداني اعتراضه مبكرا، لأن الدعوة مقدمة إلى الجيش السوداني وليس إلى الحكومة السودانية، بالإضافة إلى اعتراضه على توسيع دائرة الوسطاء لتشمل أطرافا ودولا يعترض عليها السودان بسبب مشاركتها في الحرب بتقديم الدعم والسلاح لـ”قوات الدعم السريع”. كما أعربت الحكومة السودانية عن تساؤلاتها حول الاتفاقات السابقة وخصوصا إعلان جدة لحماية المدنيين الموقع في 11 مايو/أيار 2023، مطالبة بتحديد آلية لإلزام الميليشيا بتنفيذ التزاماتها السابقة قبل الدخول في مفاوضات جديدة.
السودان وختام مفاوضات جنيف
أيضا تمخضت هذه الاعتراضات عن مقترح لاجتماع تحضيري بين وفد من الحكومة السودانية والمبعوث الأميركي .. كذلك بريليو في مدينة جدة.. وهو ما انعقد بالفعل في 9 أغسطس. لكن المشاورات السودانية الأميركية انهارت .. أيضا من دون التوصل لاتفاق على مشاركة وفد حكومي في مفاوضات جنيف في 11 أغسطس.. ذلك بعد عدم استجابة الوسطاء لتحفظات الحكومة السودانية.
كما كان وفد المشاورات الحكومية برئاسة وزير المعادن السوداني محمد بشير أبو نمو الذي ينتمي إلى “حركة تحرير السودان” بقيادة مناوي.. أيضا وهو ما تحفظ عليه الجانب الأميركي.. الذي ظل يطالب بأن يكون الوفد السوداني ممثلا للجيش فقط. واستمر عدم الاتفاق .. كما أصر الوسطاء على المضي قدما في ترتيبات مفاوضات سويسرا التي باشرت أعمالها بالفعل في الموعد المحدد لها (14 أغسطس).. بمشاركة الوفود الدولية بالإضافة إلى وفد “الدعم السريع”.. أيضا ومشاركة عدد من المدنيين السودانيين الذين اختارتهم الخارجية الأميركية.. كذلك وبعضهم قيادات في تحالف “تقدم”، حضروا تحت اسم خبراء أو في وفد تمثيل النساء السودانيات في التفاوض.. ذلك دون الإعلان عن هذا التمثيل وهذه المشاركة بشكل مسبق ودون تحديد معايير اختيارهم.