الذكرى الأولى لطوفان الأقصى
مع حلول الذكرى الأولى لطوفان الأقصى.. هل سيحقق الاحتلال الصهيوني أهدافه المعلنة في غزة ولبنان؟
السياق التاريخي لمعركة طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر 2023 لابد أن يرتفع في قراءته من المستوى التكتيكي في عالم الأشخاص والأشياء إلى المستوى الاستراتيجي في عالم الأفكار والقيم، من أجل الوقوف على المأزق الاستراتيجي للكيان الصهيوني بعد مرور سنةٍ كاملةٍ على هذا المعركة، من دون تحقيق أهدافه المعلنة، رغم اختلال ميزان القوة بشكلٍ واضح لصالحه، مع الدعم الغربي المطلق.
وما حدث في معركة طوفان الأقصى، هو فِعلٌ جهاديٌّ متقن ومبدِعٌ، يمثِّل محطةً فارقةً، وحَدثًا استراتيجيًّا، ولحظةً استثنائيةً، وأداءً معقَّدًا، وهو خارجٌ عن التوقُّع، وعن النمطية التقليدية في الصراع، وسيكتب التاريخُ هذه الملحمة بأحرفٍ من العزِّ والافتخار، وهي تتجاوز في تداعياتها المستقبلية النتائج المادية الآنية.
ومن المؤشرات المفاجئة وغير السَّارة للكيان الصهيوني وللإدارة الأمريكية اليوم، والتي تؤشر على تطورات القضية الفلسطينية لصالح الأمة ومشروع التحرير، هو دخول معاملٍ قويٍّ في الاتجاهات المستقبلية لهذا الصراع الوجودي، وهو قوى المقاومة، وتطور قدراتها العسكرية والاستخباراتية.
الذكرى الأولى لطوفان الأقصى
مثل فصائل المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس، وذراعها العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسام (1987م)، والمقاومة الإسلامية في لبنان، وعلى رأسها حزب الله (1982م)، والمقاومة العراقية، وعلى رأسها “الحشد الشعبي” (2014م)، والمقاومة اليمنية، وعلى رأسها جماعة أنصار الله الحوثي (2004م)،
وهو ما صعَّب على الكيان الصهيوني إدارة الصراع، بفقدانه زمام المبادرة في التحكُّم .. أيضا بسبب هذا الانتقال المروِّع، من الدول التي يسهل رَهْنُها.. إلى حركات المقاومة التي يصعب ترويضها، بعد تحييد الجيوش العربية الرسمية من الصراع.. ذلك عبر المسلسل العبثي للسلام، ومشروع صفقة القرن .. كذلك واتفاقات ابراهام، والخروج المتتالي للدول من دائرة الصراع.
أيضا وقد كانت هناك عدة عوامل ساعدت على هذا التطور النوعي لهذا الصراع المعقَّد.. ومنها: البعد العقائدي لحركات المقاومة.. كذلك الحاضنة الشعبية الرافضة لهذا الوجود الصهيوني السرطاني الغريب في جسم الأمة.. أيضا وتنامي الموقف الديني .. كذلك وتفجُّر المخيال الشعبي العربي الإسلامي ضدَّ اليهود.. كذلك وصول التيار اليميني القومي المتطرِّف في إسرائيل إلى الحكم.. والذي يدفع باتجاه التصعيد في الصراع العدمي.. أيضا ورفضه لكلِّ الحقوق التاريخية والأممية المشروعة للشعب الفلسطيني.