من الأفكار الرائجة في الفقه الإسلامي ..وفي الثقافة الإسلامية قديما وحديثا القول بشرعية الحكم القائم على القوة والغلبة،.. بمعنى أن من استولى على الخلافة أو الإمارة بالقوة والسيف..، حتى قهر خصومه واستولى على البلاد وسلّم له العباد،.. فهو إمام شرعي تجب طاعته ولا تجوز معصيته ولا الخروج عليه.
الحاكم المتغـلِّب في الشــريعة الإســلامية
ليست من الإسلام
كذلك أعني أن الإسلام لم ينص على مشروعية هذه الطريقة ..في تولي الحكم، ..ولا هو أرشد إليها ولا أقر وقوعها ولو في نازلة واحدة، فلا نجد شيئا من هذا لا في القرآن الكريم، ..ولا في السنة الشريفة، ولا في سنة الخلفاء الراشدين.
كذلك فما جاءنا عن طريق الشورى ومؤسساتها،..من اختيار وتولية وبيعة، أو من عزل وإعفاء وإلغاء،.. أو من “حل وعقد” فهو شرعي ومشروع، وهو من الإسلام وإليه، لكونه مأمورا به في القرآن والسنة، ومعمولا به في سنة الخلفاء الراشدين.
كذلك وقد كان أول تطبيق لمسلك الشورى بعد وفاة رسول الله …صلى الله عليه وسلم هو التشاور في اختيار خليفة له من بعده، فكان بذلك اختيار أبي بكر وبيعته إماما للمسلمين، وهكذا مضت الأمور على عهد بقية الخلفاء الراشدين: الشورى والاختيار، ولو بأساليب وأشكال متنوعة.
الحاكم المتغـلِّب في الشــريعة الإســلامية
مما يقرره ويردده الفقهاء والأصوليون أن النصوص متناهية والوقائع لامتناهية، ..وأنه يتعذر التنصيص على كافة الحالات والاحتمالات والوقائع الممكنة عبر التاريخ.. بكل تقلباتها وتشكلاتها التي لا تنتهي، ..فيبقى كثير منها -أو أكثرها-… للاجتهاد والتفاعل بين الفقه والتاريخ.
وفي موضوعنا نجد أن الطرق والأساليب المتبعة ..في تولي الحكم وتدبير شؤونه عبر التاريخ لا تقف ..عند حد ولا تلتزم بقيد.
ومن هنا وجد الفقهاء أنفسهم أمام دول تقوم وتسود..، وليس فيها مكان للشرعية الإسلامية،..أي شرعية الشورى والاختيار، ولكنها على كل حال دول تدين بالإسلام، وتحكم باسم الإسلام، وتنفذ كثيرا من أحكام الإسلام.
وبناء عليه نستطيع القول بكل ثقة واطمئنان: إن الطريقة الشرعية الوحيدة التي جاء بها الإسلام ونص عليها -لتولي الحكم وانتقاله وتدبير أموره- هي: الشورى والاختيار، مع ترك الطرق والوسائل التفصيلية المعتمدة في ذلك للاجتهاد والتشاور والمراجعة.
رأي الدين