الجهـــــاد دعــــوة
الأمة الإسلامية هي الجماعة التي تتبع منهجاً واحداً وقائداً واحداً تؤمن بالله واحداً في ذاته وصفاته وأفعاله وتؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وخاتميته للنبوة.. أيضا وتؤمن برسالته وخاتميتها للرسالات، وتؤمن بالرسل والأنبياء السابقين.. كذلك وباليوم الآخر والبعث، وتؤمن بالملائكة والقدر. وتسلم بأركان الإسلام الخمسة: الشهادتين والصلاة والصيام والحج والزكاة.
إذن تلك جماعة تتوجه إلى قبلة واحدة وترتبط وتتوحد كلمتها حول رب واحد ودين واحد.. ذلك التوحد والتآخي الذي دعا إليه رسولنا الأعظم وكانت بدايته العملية.. أيضا حين تأسس الحكم الإسلامي في المدينة المنورة حين دخلها رسول الله والمهاجرين قادمين من مكة المكرمة .. وآخى فيها بين المهاجرين والأنصار فأصبحوا بنعمة من الله تعالى إخوانا، متحابين متآلفين ..
“وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم” (63 الأنفال).
كذلك ومفهوم الأمة والوحدة والأخوة والألفة لا يقصد بها انصهار تلك المجموعة بعضها في البعض .. بحيث تكون نسخ مكررة متطابقة عن بعضها، وإلا أسميناها فرداً واحداً في الماهية والماصدق .. أيضا وفي ذلك مخالفة صريحة للنص والواقع والمنطق.. “ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم“.“ .. إذن الأخوة الإسلامية تمثل أساس وعلامة الأمة الإسلامية في حدود الأطر العامة التي يجمع المسلمون على الإيمان بها .. تلك الأطر هي العقائد الإسلامية وأصول العبادات والمعاملات.
الجهـــــاد دعــــوة
والواقع يثبت سنية الله في كونه وفي كل مخلوقاته بأن جعل كل ما عداه مختلف ومتعدد ومتنوع.. أيضا وأن الواحدية بمفهومها المقدس لا تكون إلا لله جلّ شأنه، فإذا ما فهمنا وصدقنا تلك النصوص .. وذلك الواقع كان ولا بد أن نسعى للألفة والمحبة في إطار الأخوة الإسلامية المرتبطة بعقيدة واحدة في الله والكون والإنسان،
ولا نسعى لإلغاء الفروق والاختلاف في القومية واللغة واللون والجنس والمذهب، فالعقلاء يرون في الاختلاف حركة والحركة تعني الحياة، أما السكون فيعني الموت، ورسولنا العظيم يقول: “اختلاف أمتي رحمة” يعني بها اختلافهم في أفهامهم لأحكام الشرع، ليس في الحلال والحرام البيّن “
فحلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرام محمد حرام إلى يوم القيامة” ولكن في فروع قد تقل أو تكثر من المسائل الشرعية التي لا تؤثر على الإيمان ولا على أصول العبادات. الاختلاف المقصود هو الاختلاف المحمود والممدوح من حيث أنه لا يمس جوهر العقيدة وقد امتدحه صاحب الرسالة في دعوته ورضاه بالاجتهاد وإعمال الرأي والفكر في القضايا المستجدة والتي قد لا يجد فيها المسلم نصاً صريحاً من كتاب أو سنّة
كما هو الحال في قصة معاذ بن جبل رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن لينشر الدعوة الإسلامية ويسأله الرسول صلى الله عليه وسلم: بمَ تحكم؟ فيجيب بكتاب الله، فإن لم تجد؟ فيجيب بسنة رسول الله، فإن لم تجد؟كذلك فيجيب أقيس الأشياء بنظائرها، أو قال أجتهد ولا آلوا، أيضا فيعجب الرسول صلوات الله عليه بمعاذ ويقول: “الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يحب رسول الله” وفي قوله صلى الله عليه وسلم “من اجتهد فأصاب فله أجران ومن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد”