الإخوان المسلمون والذكري ال97 للتأسيس
ثابتة الأركان وباقية ببقاء الأوفياء لأصولها وثوابتها
تمر ذكرى تأسيس جماعة “الإخوان المسلمون” هذا العام في ظل تحديات خطيرة ومتغيرات كثيرة تواجه الأمة الإسلامية، التي باتت تقف مع أعدائها وجهًا لوجه، بعد أن استجمعوا قوتهم واتفقت كلمتهم واجتمع شتاتهم؛ لتحقيق هدف واحد والوصول إلى غاية محددة؛ هي إضعاف أمتنا والتصدي لكل محاولة لنهضتها، والسعي بكل قوة لاستنفاذ ثرواتها وسلب إرادتها وحريتها.
إن دائرة الصراع التي يتسع أوارها وتتزايد حدتها على أرض فلسطين، وإمعان القتل في أهلها وتدمير بِنيتها وإهلاك الحرث والنسل فيها، كان العنوان الأبرز على تلك التحديات، في ظل حالة من الجهود التي تبذل لسحق الشعوب الإسلامية وفرض أنظمة مستبدة عليها، لا تمثل طموحاتها ولا تعبر عن إرادتها، بل تصادر حقها في الحياة وتبدد آمالها في المستقبل.
لقد أولت جماعة “الإخوان المسلمون” خلال مسيرتها الطويلة منذ أسسها الإمام الشهيد حسن البنا (رحمه الله) الأهمية البالغة لقضية فلسطين، التي ظلت وستظل قضية الأمة المركزية، وحددت مسار التعامل معها في حشد كل الطاقات الممكنة لإسناد مقاومتها والدفاع عن مقدساتها، وفطنت منذ البداية لخطورة غرس هذا الكيان الغاصب واستنبات هذه البذرة الشيطانية في المنطقة، وسعت بكل قوة لاجتثاثها ومواجهة أخطارها، والتصدي لكل المحاولات الرسمية للتطبيع معها أو القبول بها، أو التفريط في حق الأمة وحق الشعب الفلسطيني في الخلاص منها.
وفي الوقت نفسه وعبر مسيرتها الطويلة واجهت جماعة “الإخوان المسلمون” الجهود التي بذلها الاستعمار لصناعة الاستبداد في منطقتنا العربية، ورعاية أنظمة انفصلت عن إرادة شعوبها ومالت نحو عدوها، دعمًا وتأييدًا، ابتغاءَ منصب بائد، وطمعًا في عطاءٍ زائل؛ فاستنفرت الجماعة طاقاتها – مع كافة القوى الحية في الأمة – للتصدي للمستبدين، وتنبيه الشعوب لحقها في الحرية، دون السقوط في وحل الاحتراب الأهلي.
الإخوان المسلمون والذكري ال97 للتأسيس
وقد تصدت الجماعة عبر قرن هجري مضى لصناعة الأمل لدى الشعوب الإسلامية، وتحفيزها نحو الاستقلال والحرية، وانحيازها صوب العدل الذي بنى الله عليه الكون: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تخْسِرُوا الْمِيزَانَ} (سورة الرحمن: 9-7).
إن التحديات التي تواجه الأمة تفرض على الجماعة قيادة وصفًّا، وعلى كل مخلص لأمته ومحب لدينه أن يبذل الوسع، ويعد العدة، ويستنهض الهمم؛ للحفاظ على وحدة أمتنا، وصناعة الوعي لديها بخطورة المشروعات المعادية وأخطار التحديات التي تواجهها، والعبور بها نحو الحرية والكرامة، انطلاقًا من المبادئ والأصول والثوابت الراسخة، مع بذل كل جهد لمواكبة الواقع والمستجدات، وبالتعاون مع كافة القوى والتيارات الفاعلة؛ لتتبوأ أمتنا مكانتها اللائقة بها في العالم، وتقوم بواجب الشهادة على العالمين.. {وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أمَّةٗ وَسَطٗا لِّتَكُونُواْ شهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيۡكُمۡ شَهِيدٗاۗ} (سورة البقرة: 143).
إن جماعة “الإخوان المسلمون”.. وهي تستقبل قرنًا جديدًا من الكفاح ضد الاستعمار والاستبداد.. حيث تجدّد العهد ببيعتها مع الله تعالى، ثم مع أمتها؛ أن تظل وفيةً لمبادئها.. أيضا باذلة الجهد لوحدة الشعوب.. كذلك عصيةً على التنازل عن حق الأمة في الحرية.. مستمسكة بسبيل الله في الدعوة على بصيرة: .. {قلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّـهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسبْحَانَ اللَّـهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (سورة يوسف: 108).
فاللَّهُمَّ أنا نسألك ثباتًا في الأمر.. وعزيمة على الرشد.. وتوفيقًا وسدادًا ونصرًا لأمتنا.. حتى تتبوأ مكانتها وتستعيد مجدها.
والله أكبر ولله الحمد
أ. د. محمود حسين
القائم بأعمال فضيلة المرشد العام لجماعة “الإخوان المسلمون”
الجمعة ٢١ رمضان ١٤٤٦ هـ – 21 مارس 2025 م