تنبثق أهمية الأسرة في المجتمع من كونها مؤسسة اجتماعية، فتكوين الأسرة ضرورة حتمية لبقاء الجنس البشري ودوام الوجود الاجتماعي .
تعتبر الأسرة الخلية الأولى التي يتكوّن منها المجتمع ، وهي أساس الاستقرار في الحياة الاجتماعية ،و تعتبر نشأة الأسرة وتطورها ثمرة من ثمرات الحياة الاجتماعية، فتعتبر الأسرة الإطار العام الذي يحدد تصرفات أفرادها فهي التي تشكل حياتهم.
فهي مصدر العادات، والأعراف، والتقاليد، وقواعد السلوك، وعليها تقوم عملية التنشئة الاجتماعية، ولكل أسرة بعض الخصائص الثقافية الخاصة، تؤثر الأسرة فيما عداها من النظم الاجتماعية الأخرى وتتأثر بها؛ فإن صلحت صلح المجتمع ككل وإن فسدت فسد المجتمع ككل.
مشكلات الأسرة المصرية
إن الأسرة المصرية بصفة خاصة قد مرت بمراحل كثيرة ،سواء مراحل انحدار أو انكسار ، فقد كان أهم ما يميز الأسرة المصرية هو الخوف من التجاوز؛ فكانت هناك ثوابت في التعامل مع الكبير ،والتعامل حتى فيما بين أفرادها فكان الجو العام يسوده الاحترام ،وكذلك الالتزام بضوابط المواعيد في الخروج والدخول .
ولكن الآن أصاب المجتمع انحدار غير طبيعي ؛وذلك بسبب الموروثات القديمة التي كانت بالفعل موجودة في الأسرة منذ زمن ، والتي اختلطت بما اُسْتُحْدِثَ في المجتمع من سلوكيات ، فكانت الأسرة المصرية منذ القدم تعاني من موروثات صعبة مثل : حرمان الأنثى من الميراث ؛ فأحدثت التشققات داخل الأسرة الواحدة .
ومن الموروثات أيضا الخصام لفترات طويلة بين أفراد الأسرة ،واهتمام الأب بالولد وبالذات الكبير دون إخوته .
وفى الحياة الجديدة المستحدثة التي أصبحت أهم صورها هي عدم الاحترام للكبير وهذا من خلال حالة الانفتاح والحرية الزائدة مع عدم وجود الضوابط ،وعدم وجود لقبضة الأب في إدارة الآسرة ، وأصبح المُشَكِّلُ لعقل أولادنا هو الأغنيات والمسلسلات الهابطة ،التي انتشرت مؤخرا ؛ فزادت قلة الحياء والتطاول على الكبير .
والذي أدى في بعض الأسر إلى انطواء دور الأب الذي أصبح يتم التطاول عليه ؛ فأصبحت قلة الحياء هي الصفة الغالبة على المجتمع ،وكل هذا في ظل ما بات موجودا في المجتمع من فقر وبطالة وظلم .
وابتدأ يَلِحُ على الأذهان تساؤل كبير :
*هل هو ضعف تربية من الأهل؟
*هل المجتمع هو الذي أضاع الأسرة ؟
* بل الفرد نفسه بانفتاحه أدى إلى هذا الضياع ؟
و للأسف فمجموع كل هذا هو ما أدى إلى هذا الانحدار في الأسرة ودمارها .
هل هناك حلول لما أصاب المجتمع من أزمات ؟؟
ولما كانت الأسرة ومالها من أهمية عظمى في المجتمع هي شاغلنا الشاغل فقد تم البحث جديا عن بعض الحلول لهذه المشكلات والتي يمكن تطبيقها منا كأفراد أو حتى مجتمعات صغيرة تهتم بالتربية وذلك من خلال بعض النقاط التي نوضحها فيما يلي :
أولها :هو وضع قانون للأسرة : وهو وضع اتفاق وأسس للتعامل بين الأفراد ماذا نريد من بعضنا ؟ من هو الذي عليه أن يشارك في أعمال المنزل ؟ مواعيد الخروج والرجوع للمنزل من المنوط به استقبال الضيوف وكيفية استقبالهم …الأب ماذا يحب وكيفية توفير طلباته وكذلك الأم.
ثانيها :لغة التخاطب والحوار : وهي تنقسم إلى حوار منطوق وحوار محسوس باللمس وتقبيل الرأس في الحوار ،و يجب أن يكون الحوار راقيا وبألفاظ محببة وتجنب المُهينة منها ، ومناداة البنت بكلمات الحب والولد بكنية إن أحب .
ثالثها: التواصل الفعال :الاطمئنان على الأولاد ومحاولة التواصل معهم وهم بالخارج ومقابلتهم ، الذهاب معهم للعب الكرة ،واصطحابهم في المواعيد الخاصة بك .وسؤال الأولاد عما يحبونه على الغذاء ، ما رأيهم فيما يحبون إحضاره من طلبات للمنزل .
رابعها :حفظ القرآن : وبما أن القرآن وسيلة وليس هدف؛ فالمقصود هنا بحفظه هو الذي يؤدي إلى فهمه والعمل به ،والالتزام بسلوكياته والتحرك به .
خامسها: العبادات المشتركة: بمشاركة الأبناء في العبادات ، كالصلاة والجلسات الإيمانية ،وكذلك مشاركتهم في الصدقات، أو مساعدة الآخرين، أو حتى التعبد بالقيام بالأعمال المنزلية مع بعض .
سادسها: الموبايل : فرض الرقابة اللذيذة بطريقة غير استفزازية لهم ؛ فيجب متابعتهم بتبادل الهواتف مثلا بين أفراد الأسرة؛ حتى يكونوا متوقعين وجود هاتفهم بأي وقت في يد الأب أو الأم مما لا يجعل نفس احد فيهم تميل للخطأ مستأمنا عاقبة متابعة الأهل .
وهذه النقاط هي بعض الاجتهادات الشخصية التي جاءت نتيجة تفكير منا ، ولكن يمكن لكل أب وكل أم أن يجلسا ويفكرا في حلول إضافية تساعد في حل المشكلات التي تواجه أفراد أسرتهم؛ فبكثير من الدعاء والقليل من الحكمة يمكن التوصل إلى حلول كثيرة ؛ تساعد على النهوض بالأسرة المصرية من جديد؛ فيرتقي المجتمع المصري بصفة عامة، وما يحمل منه الطابع الإسلامي بصفة خاصة ؛ لكي تكون هناك الأسرة التي ستكون لبنة في مجتمع يستطيع أن يقود العالم .